إن العروق كلها تنبت من جانب الكبد المحدب. وإن الكبد مقعر الباطن محدب الخارج. ويطلع من موضع تحدبه عرق عظيم. وإذا طلع لم يمر كثير شيء حتى ينقسم قسمين أحدهما وهو الأعظم يأخذ منه إلى أسافل البدن ليسقي جميع الأعضاء التي هناك. والثاني يأخذ إلى أعاليه ليسقي جميع الأعضاء العالية. وهذا القسم الأعلى يمر حتى يلاصق الحجاب. وينقسم منه هناك عرقان يتفرقان في الحجاب ليغذوانه ثم ينفذا إلى الحجاب. فإذا نفذاه انقسمت منه عروق دقيقة اتصلت بالغشاء الذي يقسم الصدر بنصفين وبغلاف القلب وبالغدة التي تسمى التوثة وتفرقت فيها وأنا ذاكر هيئة هذه الأعضاء فيما بعد ثم يتشعب منه شعبة عظيمة تتصل بالأذن اليمنى من أذني القلب. وتنقسم هذه الشعبة ثلاثة أقسام أحدها يدخل إلى التجويف الأيمن من تجويفي القلب وهو أعظم هذه الأقسام. والثاني يستدير حول القلب من ظاهره، وينبت فيه كله. والثالث يتصل بالناحية السفلى من الصدر ويغذي ما هناك من الأجسام وإذا جاوز القلب مر على استقامة إلى أن يحاذي الترقوتين وينقسم منه في مسلكه هذا شعب صغار في كل واحد من الجانبين ليسقي ما يحاذيها ويقرب منها. ويخرج منه شعب صغار إلى خارج فيسقي العضل الخارج المحاذي لتلك الأعضاء الداخلة. وعند محاذاته للأبط يخرج منه إلى خارج شعبة عظيمة تأتي إليه من ناحية الأبط وتسمى الباسليق فإذا حاذى من الترقوة الوسط منها وهو موضع اللبة انقسم قسمين فصار أحدهما إلى ناحية اليمين والآخر إلى ناحية اليسار. وانقسم كل واحد من هذين القسمين إلى قسمين. فركب أحد القسمين الكتف وجاء إلى اليد من الجانب الوحشي. وهو العرق المسمى القيفال. وانقسم الثاني قسمين في كل جانب. فمر أحدهما غائرا مصعدا في العنق حتى يدخل القحف ويسقي ما هناك من أعضاء الدماغ وأغشيته. وفي مروره في العنق إلى أن يدخل الدماغ يتشعب منه شعب صغار تسقي ما في العنق من الأعضاء الداخلة، ويسمى هذا القسم الوداج الغائر. وأما الثاني فيمر مصعدا في الظاهر حتى ينقسم في الرأس والوجه والعين والأنف ويسقي جميع هذه الأعضاء وهو الوداج الظاهر. ويتشعب من العرق الكتفي في مروره بالعضد شعب صغار تسقي ظاهر العضد. ويتشعب من الأبطي شعب صغار تسقي باطنه. وإذا قارب العرق الكتفي والعرق الأبطي مفصل المرفق انقسما أقساما عظاما. فأحد أقسام العرق الكتفي يمازج قسما من أقسام العرق الأبطي وينحدر القسمان ويكون منهما عند المرفق العرق المسمى الأكحل. والقسم الثاني من أقسام العرق الكتفي يمتد في ظاهر الساعد ويركب بعد ذلك الزند الأعلى. وهو المسمى حبل الذراع. وقسم آخر من العرق الأبطي وهو الأسفل مكانا يمر في الجانب الداخل من الساعد حتى يبلغ رأس الزند الأسفل. ويكون من بعض شعبه العرق الذي بين الخنصر والبنصر ويسمى الأسيلم.
وأما القسم الذي يأخذ إلى أسافل البدن فإنه يركب خرز الظهر آخذا إلى أسفل، ويتشعب منه أولا شعب تأتي لفائف الكلي وأغشيتها والأجسام التي بالقرب منها فتسقيها. ثم يتشعب منه أي من هذا القسم شعبتان عظيمتان تدخلان تجويف الكلى، ثم شعبتان تصيران إلى الانثيين. ثم يتشعب منه عند كل خرزة عرقان يمران في الجانبين فيسقيان الأعضاء القريبة منهما ما كان منها داخلا كالرحم والمثانة وما كان خارجا كمراق البطن والخاصرتين حتى إذا بلغ آخر الخرز انقسم قسمين وأخذ أحدهما إلى الرجل اليمنى والآخر إلى الرجل اليسرى، وتتشعب منه شعب تسقي عضل الفخذين، منها ظاهرة تسقي العضل الظاهر ومنها غائرة تسقي العضل الغائر حتى إذا بلغ الركبة انقسم ثلاثة أقسام. فيمر قسم منها إلى الوسط ويسقي العضل الغائر، ومنها ظاهرة تسقي بشعب لها جميع عضل الساق الداخل والخارج. ويمر قسم في الجانب الداخل من الساق حتى يظهر عند الكعب الداخل وهو الصافن. والقسم الآخر يمر في الجانب الظاهر من الساق وهو غائر حتى يأتي إلى ناحية الكعب الخارج وهو عرق النسا. ويتشعب من كل واحد من هذين عند بلوغه القدم شعب تتفرق في ظهر القدم لتكون الشعب التي هي من القدم في ناحية الخنصر والبنصر من شعب عرق النسا. والتي في ناحية الإبهام من شعب الصافن. هذه هي جملة العروق الناشئة من الكبد، الساقية لجميع أعضاء البدن.
Shafi 55