العضل إذا عد وفصل على رأي جالينوس بلغ جملة ما في البدن خمسائة عضلة وتسع وعشرين عضلة. ونحن ذاكرون من ذلك مقدار ما يليق بغرض كتابنا هذا وقصده فنقول: إن العضلات مركبة من لحم وعصب وربط. وأنها آلة الحركات الإرادية وتختلف أشكالها بحسب مواضعها والحاجة إليها. وأن العضلة لا تزال لحمية إلى أن ينتهي إلى طرفها الأسفل ثم ينبت من هذا الطرف الجسم المسمى الوتر. ويمر حتى يتصل بالعضو الذي يحركه بالطرف الأسفل منه. ويكون تحريكه له بأن تتقلص وتنجذب نحو أصلها فيمتد لذلك جملة ذلك العضو إلى الجهة التي فيها تلك العضلة. والعضلة التي تحرك عضوا كبيرا هي أعظم وأضخم. وبنيت منها إما وتر واحد وإما عدة أوتار، وتتصل بالعضو الذي تحركه. وربما تعاونت عدة عضلات على تحريك عضو واحد. والتي تحرك عضوا صغيرا تكون أيضا صغيرة لطيفة. والتي تحرك عضوا كبيرا تكون أيضا عظيمة كبيرة كالعضلة التي في الفخذ وتحرك جملة الساق. فإنها عضلة لها مقدار كبير من العظم. أما العضلات التي تحرك الأجفان العليا فهي صغار جدا لطاف وليس لها وتر. وكل عضو يتحرك حركة إرادية فإن له عضلة يكون بها حركته تلك. فإن كان يتحرك إلى جهات متضادة كانت له عضلات متضادة الوضع تجذبه كل واحدة منها إلى ناحيتها عند كون تلك الحركة. وتمسك المتضادة لها عن فعلها. وإن عملت العضلتان المتضادتان في الوضع في وقت واحد استوى العضو وتمدد وقام. مثال ذلك أن الكف إذا مدها العضل الموضوع في باطن الساعد انثنى، وإن مده العضل الموضوع في ظاهر الكف انقلب إلى خلف، وإن مدت جميعا استوى وقام بينهما. والذي للبدن من الحركات الإرادية هي: حركة جلدة الجبهة وحركة العين والخدين وطرف الأنف والشفتين واللسان وحركة الحنجرة والفك وحركة الرأس والعنق وحركة الكتف وحركة مفصل العضد مع الساعد وحركة مفصل الساعد مع الرسغ وحركة جملة الأصابع وكل واحد من مفاصلها وحركة الأعضاء التي في الحلق وحركة الصدر للتنفس وحركة القضيب وحركة المثانة في غلقها على البول وفتحها وسدها وحركة طرف المعي المستقيم في منعه خروج الثفل وحركة مراق البطن وحركة مفصل الورك والفخذ وحركة مفصل الفخذ والساق وحركة مفصل الساق والقدم وحركة أصابع القدم. ولكل واحد من هذه الحركات عضل موافق في الشكل والعظم والوضع الذي تكون به هذه الحركات. وإن نحن ذكرناها بتفصيل طال به كتابنا هذا من غير أن يكون في ذلك كثير نفع لأنه ليس يمكن أن يصور في النفس بالكلام من حال العضل ما يمكن أن يصور لها من حال العظام والعصب والعروق والشرايين بل يحتاج في ذلك إلى مشاهدة ودراية كبيرة وبالغة. ومن أجل ذلك نحن مقتصرون على عدد عضل الأعضاء فقط فنقول: إن في الوجه من العضل خمسا وأربعون عضلة، أربع وعشرون منها لحركات العين وأجفانها، واثنا عشر لحركات الفك، وتسع لحركات سائر ما يتحرك من أعضاء الوجه بالإرادة، منها عضلة مبطنة لجلد الجبهة تعين على شدة فتح العين، وعضلتان تحركان طرف الأنف، وعضلتان تحركان الشفة العليا إلى فوق، وعضلتان تحركان الشفة السفلى إلى أسفل وعضلتان تحركان الخد، والعضل الذي يحرك الرأس والعنق وهي ثلاث وعشرون عضلة منها ما يجذب الرأس وحده إلى الجهة التي هي موضوعة فيها. ومنها ما يجذب الرأس والعنق. ومنها ما يكون جذبه إلى قدام، ومنها ما يكون جذبه. إلى خلف، ومنها ما يجذبه إلى ناحية اليمين، ومنها ما يجذبه إلى ناحية الشمال. وتسع عضلات لحركات اللسان. واثنان وثلاثون عضلة لحركات الحلق والحنجرة، وسبع عضلات لكل كتف في كل جانب يحركه جميع حركاته. وثلاث عشرة عضلة في كل ناحية تحرك العضد جميع حركاته في كل جانب، وأربع عضلات موضوعة على العضد في كل يد اثنتان موضوعتان من داخل يثنيان الذراع، واثنتان من خارج يبسطانه. وسبع عشرة عضلة في كل ساعد، عشرة منها موضوعة على ظهر الساعد، وسبع في باطنه تكون بها حركة الكف إلى داخل وإلى خارج وإلى ناحية الإبهام وإلى ناحية الخنصر وتثني الأصابع الأربع وتبسطها وثمان عشرة عضلة في الكف في كل جانب يكون بها ميل الأصابع إلى ناحية الإبهام وإلى ناحية الخنصر كما تقعر الكف. ومائة وسبع عضلات لحركات الصدر منها ما تقبضه ومنها ما تبسطه. وثمان وأربعون تحرك الصلب بجميع حركاته. وثمان عضلات ممدودة على البطن من لدن القص إلى عظم العانة منها بالطول ومنها بالعرض ومنها بالتأريب تفعل جميع حركات البطن من الضم والعصر، وتعين على حركات أخر، وأربع عضلات للانثيين في الذكور واثنتنان في النساء، وأربع عضلات تحرك الذ كر، وعضلة تضبط فم المثانة لئلا يخرج البول بغير إرادة، وأربع عضلات تضبط المقعدة لئلا يخرج النجو بغير إرادة، وست وعشرون عضلة لحركات الفخذين. وعشرون عضلة لحركة الساقين ووضعها على الفخذين. وثمان وعشرون عضلة لحركة القدم وبعض حركات الأصابع ووضعها على الساقين، واثنان وعشرون لبقية حركات أصابع الرجل ووضعها على القدمين.
Shafi 48