الخامسة: قوله: إن حركات أهل الخلدين تنقطع، وإنهم يصيرون الى سكون دائم خمودا، وتجتمع الذات في ذلك السكون لأهل الجنة، وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار.
وهذا قريب من مذهب «جهم»، إذ حكم بفناء الجنة والنار. وإنما التزم «أبو الهذيل» هذا المذهب، لأنه لما ألزم في مسألة حدوث العالم، أن الحوادث التى لا أول لها كالحوادث التي لا آخر لها، إذ كل واحدة لا تتناهى. قال:
(إني لا أقول بحركات لا تتناهى آخرا، كما لا أقول بحركات لا تتناهى أولا، بل يصيرون إلى سكون دائم). وكانه طن أن ما يلزمه في الحركة، لا يلزمه في السكون «1».
السادسة: قوله في «الاستطاعة»، إنها عرض من الأعراض، غير السلامة والصحة، وفرق بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح، فقال: (لا يصح وجود أفعال القلوب منه مع عدم القدرة).
«فالاستطاعة» معها في حال العقل، وجوز ذلك في أفعال الجوارح، وقال بتقدمها، فيفعل بها في الحال الأولى، وإن لم يوجد الفعل إلا فى الحال الثانية قال: «فحال يفعل» غير «حال فعل».
ثم ما تولد من فعل العبد، فهو فعله، غير اللون والطعم والرائحة، وكل ما لا يعرف كيفيته.
وقال في الإدراك والعلم الحادثين في غيره، عند اسماعه وتعليمه: (إن الله تعالي يبدعهما فيه ، وليسا من أفعال العباد).
السابعة: قوله في «المكلف»، قبل ورود السمع. بأنه يجب عليه أن يعرف الله تعالى بالدليل، من غير خاطر، وإن قصر المعرفة استوجب العقوبة أبدا، ويعلم أيضا، حسن الحسن وقبح القبيح، فيجب عليه الإقدام على «الحسن»، كالصدق والعدل، والإعراض عن القبيح كالكذب والجور.
وقال أيضا بطاعات لا يراد بها الله، ولا يقصد بها التقرب إليه، كالقصد إلى النظر الأول، والنظر الأول، فإنه لم يعرف الله بعد، والفعل عبادة.
Shafi 156