آلة للنفس إلى الجسم ، وعدم تطرق الفساد إلى الشيء مما من شأنه أن يتطرق منه الفساد حفظ ما لذلك الشيء لكنه بالعرض. انتهى. (1)
وقال أيضا في شرح كلامه الثاني في قوله : «فاعلم من هذا» إلى آخره بهذه العبارة : «لما فرغ من إقامة الحجة على كون النفس عاقلة بذاتها ، عاد إلى إكمال الكلام في بقائها على كمالاتها الذاتية بعد مفارقة البدن ، ولذلك وسم الفصل بالتكملة للفصول المتقدمة وجعل قوله : «فاعلم من هذا أن الجوهر العاقل منا له أن يعقل بذاته» نتيجة للحجج المذكورة.
وفي قوله : «ولأنه أصل فلن يكون مركبا إلى آخره » بهذه العبارة :
هذا ابتداء احتجاجه على بقاء النفس ، ويريد بالأصل كل بسيط غير حال في شيء من شأنه أن يوجد فيه أعراض وصور ، وأن تزول عنه تلك الأعراض والصور ، وهو باق في الحالتين ، فهو أصل بالقياس إليها.
واذا تقرر هذا ، فنقول : كل موجود يبقى زمانا ويكون من شأنه أن يفسد كان قبل الفساد باقيا بالفعل ، وفاسدا بالقوة وفعل البقاء غير قوة الفساد وإلا لكان كل باق ممكن الفساد ، وكل ممكن الفساد باقيا فإذن هما لأمرين مختلفين والأصل لا يكون مشتملا على مختلفين إذ هو بسيط ، فالنفس إن كان أصلا فلن يكون مركبا من قوة قابلة للفساد مقارنة لقوة (2) الثبات وإن لم يكن أصلا أي لم يكن بسيطا غير حال ، كان إما مركبا وإما حالا والثاني باطل لما مر ، والمركب يكون مركبا من بسائط غير حالة إما بعضها كالمادة من الجسم ، وإما كلها ، وعلى التقديرين فالبسيط الغير الحال أعني الأصل موجود في المركب وهو غير مركب من قوة الفساد ووجود الثبات.
وفي قوله : «والأعراض وجوداتها في موضوعاتها هي» بهذه العبارة :
هذا جواب عن سؤال. وهو أن يقال كثير من الأعراض والصور ، تكون باقية ممكنة الفساد مع بساطتها ، فهلا كانت النفس كذلك.
فأجاب بأن قوة فساد أمثالها إنما تكون في موضوعاتها الحاملة لوجوداتها ، وذلك لا ينافي بساطتها في ذواتها ، أما ما لا يكون له حامل وجود ، فاجتماع الأمرين فيه ينافي
Shafi 142