كيفياته باختلاف مذاهبهم في النفس.
والقائلون بالتجرد ، هم في الإعادة فريقان : فريق قصروه عليها وجعلوا عودها إلى العالم العلوى بعد قطع العلاقة البدنية وفراغها عن الاشتغال بتدبير البدن عبارة عن المعاد ، وهو مذهب جماعة كثيرة من أهل الحكمة سيأتي الكلام معهم. وفريق قالوا : لا بد عند القيامة الكبرى من عود الأبدان الجسمانية كما كانت ، فترد العلاقة النفسانية على حالها على حسب ما كانت عليه في الحالة الاولى قبل قطع العلاقة ، جميعا بين الحكمة والظواهر النقلية ، وهو مذهب جماعة الإسلاميين من الحكماء وأهل التصوف والكلام. انتهى كلامه رحمه الله .» (1)
وقال صدر الأفاضل مولانا صدر الدين الشيرازي رحمه الله في الشواهد الربوبية :
«الإشراق الرابع في الإشارة إلى مذاهب الناس في المعاد. إن من الأوهام العامية اعتقاد جماعة من الملاحدة والدهرية ، وطائفة من الطبيعيين والأطباء ممن لا اعتداد بهم في الفلسفة ، ولا اعتماد عليهم في العقليات ، ولا نصيب لهم في الشريعة ، ذهبوا إلى نفي المعاد واستحالة حشر النفوس والأجساد ، زعما منهم أن الإنسان إذا مات فات وليس له معاد كسائر الحيوان والنبات ، وهؤلاء أرذل الناس رأيا وأدونهم منزلة.
والمنقول من جالينوس هو التوقف في أمر المعاد لتردده في أمر النفس هل هو صورة المزاج فتفنى أم صورة مجردة فتبقى؟
ثم من المتشبثين منهم بأذيال العلماء ، من ضم إلى إنكاره له أن المعدوم لا يعاد ، فيمتنع حشر الموتى.
والمتكلمون منعوا هذا ، تارة بتجويز إعادة المعدوم ، واخرى بمنع فناء الإنسان بالحقيقة ، لأن حقيقة إنسانيته بأجزائه الأصلية ، وهي باقية إما متجزية أو غير متجزية ، ثم حملوا الآيات والنصوص الواردة في إثبات الحشر على أن المراد جمع المتفرقات من أجزاء الإنسان التي هي حقيقته. فهؤلاء التزموا أحد أمرين مستبعدين من العقل والنقل ، والسكوت خير من الكلام ممن لا يعلم.
واتفق المحققون من الفلاسفة والمحقون من أهل الشريعة على ثبوت المعاد ، ووقع
Shafi 58