حيث كان سلبا لشيء وهو وجوده الصادر الأول أو القديم ، واقتضى مسلوبا ومسلوبا عنه اقتضى أن يكون متعلقا به ، فنقول إنه حينئذ إما أن يكون قائما بالذات أو قائما بالغير ، وذلك الغير إما أن يكون ذلك الشيء المسلوب والمسلوب عنه أو أن يكون غيرهما.
وعلى التقدير الأول يلزم أن يكون السلب أمرا عينيا وموجودا في الخارج أصيلا إذ القائم بالذات لا يكون إلا كذلك وهو محال ، إذ السلب على تقدير تسليم إمكان كونه مجعولا بالذات وفرض وجوده لا يمكن أن يكون موجودا خارجيا عينيا أصيلا ، لمنافاة هذا الفرض لفرض كونه سلبا .
وأيضا فهو على هذا التقدير لا يكون سلبا لما فرض سلبه ، إذ سلب شيء ينبغي أن يكون متعلقا به وقائما به ، نحوا من التعلق والقيام ، والمفروض خلافه.
ولو فرض مع قيامه بالذات قيامه أيضا في وجوده بذلك الشيء ، حتى يكون مع قيامه بالذات قائما بالغير أيضا لزم اجتماع المتنافيين ، لأن القيام بالغير في الوجود والقيام بالذات فيه متنافيان تنافيا بالذات.
وعلى التقدير الثاني أي أن يكون السلب قائما بالغير وذلك الغير هو ذلك المسلوب أو المسلوب عنه يلزم أن يكون ذلك الغير من جهة كونه موضوعا أو محلا للسلب موجودا حتى يصح قيامه به ، إذ وجود القائم بالشيء تابع لوجود ذلك الشيء ، ومن جهة كونه سلبا له أو عنه معدوما ، وهذا أيضا اجتماع المتنافيين ، إذ يلزم أن يكون شيء واحد موجودا ومعدوما معا وهو محال. اختلاف الجهة هنا ، لا يمكن أن يكون منشأ لاجتماع الوجود والعدم ، إذ هما متباينان بالذات لا يجتمعان في شيء أصلا.
وعلى التقدير الثالث أعني أن يكون السلب قائما بغير ما فرض تعلق السلب به فمع أنه يلزم اجتماع الوجود والعدم في ذلك الغير الذي فرض كون السلب قائما به بتقريب ما ذكر وهو محال ، يلزم أنه حيث لا تعلق له ولا قيام بما فرض سلبه ورفعه بوجه بل بأمر آخر كما هو المفروض ، لا يكون منشأ لرفع ما فرض رفعه إذ لا تعلق له به أصلا ؛ هذا خلف.
وبما ذكرنا ظهر أن الفناء سواء فرض أمرا ثبوتيا ، أو عدم ملكة ، أو سلبا محضا ، لا يمكن أن يكون ضدا للجواهر ، وكذا لا يمكن أن ينتفي به جوهر ما من الجواهر ، فضلا عن ما نحن بصدده ، أي الصادر الأول أو القديم ، فيظهر منه بطلان ما ذهب إليه جماعة من المتكلمين ،
Shafi 114