358

يحصل بالاتفاق ، والفرق بين الذي يحصل بالصناعة والذي يحصل بالعادة ، أن الذي يحصل بالصناعة هو الذي يقصد فيه استعمال مواد وآلات وحركات ، فتكسب النفس ملكة بذلك (4) كأنها صورة تلك الصناعة. وأما الذي بالعادة ، فهو ما يحصل من أفاعيل ليست مقصودة فيها ذلك ، (5) بل إنما تصدر عن شهوة أو غضب أو رأي ، أو يتوجه فيها القصد إلى غير هذه الغاية ثم يتبعها (6) غاية هي العادة ، ولم تكن تقصد ، ولا تكون العادة بنفس ثبوت صورة (7) تلك الأفاعيل في النفس. وربما لم تكن (8) للعادة آلات ومواد معينة ، فإنه لا سواء أن يعتاد إنسان المشي وأن يعتاد النجارة (9) من الجهة التي قلنا ، وبينهما تفاوت شديد.

ثم مع ذلك (10)، فإنك إذا دققت النظر ، عاد حصول العادة والصناعة إلى جهة واحدة.

والقوى التي بالطبع (11)، منها ما يكون في الأجسام الغير الحيوانية ، ومنها ما يكون في الأجسام الحيوانية». انتهى (1).

ثم إنه حقق الكلام في إثبات العادة لكل متكون ، وكون كل حادث مسبوقا بالمادة بما لا مزيد عليه. وقال في آخره (2): «ونحن نسمي إمكان الوجود قوة الوجود ، ونسمي حامل الوجود (12) الذي فيه قوة وجود الشيء موضوعا وهيولى ومادة وغير ذلك بحسب اعتبارات مختلفة ، فإذن كل حادث فقد تقدمته المادة» انتهى.

وقال صدر الأفاضل في (الشواهد الربوبية) في الإمكان والوجوب والقوة والفعل (3): «إن الإمكان (13) معناه سلب ضرورة الوجود والعدم عن الماهية ، وهو صفة عقلية لا يوصف بها ما لا مادة في الخارج ولا في نفس الأمر. فالمبدعات إنما لها في نفس الأمر الوجود

Shafi 30