259

ولا وحدتان اثنتان أيضا» فإن الاثنينية تقتضي أن يكون هناك تعدد ولو في الجملة وليس كذلك ، لأنه فرض كون جميع ذلك واحدا بالعدد من حيث كون المفروض أن الماهية مع جميع صفاتها وخواصها ولوازمها وعوارضها وما يمكن أن يعتبر معها في حال وجودها الأول واحدة وحدة شخصية خارجية في حال وجودها الثاني.

وقوله : «بل واحد بعينه معاد» أي يكون هناك واحد بعينه فرض كونه معادا إلا أنه معاد حقيقة حتى يرد أن فرض الوحدة ينافي كونه معادا كما ذكره من قوله : «ثم كيف يكون العود ولا اثنينية» أي كيف يصح فرض العود والحال أنه لا اثنينية هناك بوجه ما ، مع أن العود إنما يصح إذا كان هناك اثنينية حتى يصح أن يقال إنه أعيد مرة اخرى أو في زمان آخر. وفيه دلالة على أنه في صورة فرض إعادة المعدوم بعينه وفرض إعادة كل معدوم معه بعينه كما هو لازم على ذلك الفرض ، يلزم أن لا يكون هناك عود مطلقا ، فضلا عن أن يكون بعينه ، فمن فرض العود يلزم عدم العود ، هذا خلف ، بل هو من أشنع المحال.

وقوله : «وكيف يكون اثنينية ويجوز أن يكون المعاد بعينه هو الأول» أي وكيف يكون هناك اثنينية بها يصح فرض العود ، مع أنه يجوز أن يكون ما هو معاد بالفرض هو الأول من جميع الوجوه والجهات والاعتبارات ، وكأن الشيخ يضم إلى ما ذكره مقدمة اخرى ، وهي أنه مع ذلك لو صح فرض الاثنينية كذلك حتى يصح بها فرض العود ، يلزم تخلل العدم بين الشيء ونفسه كما مر بيانه ، وهو محال ، فيكون كلامه هذا مبنيا على الوجه الأخير الذي احتملناه في كلام المحقق الدواني ، إلا أن الشيخ اكتفى بذكر لزوم أحد المحالين ، أعني لزوم أن لا يكون هناك عود ، وأخذ لزوم المحال الآخر ، أي لزوم التخلل ، مقدمة فيه ودليلا عليه ، فإنه لو رام بيان لزوم المحال الآخر ، فله أن يعكس الأمر ويقول : يلزم على هذا التقدير تخلل العدم بين الشيء ونفسه ، فإنه لو لم يتصور التخلل المذكور ، لم يكن هناك عود كما هو المفروض ؛ هذا خلف. ويحتمل أن يكون كلام الشيخ مبنيا على الوجه الثاني الذي احتملناه في كلام المحقق الدواني.

وحاصله أنه حينئذ إما أن يلزم تخلل العدم بين الشيء ونفسه إذا نظر إلى انقطاع الوجود وزوال استمرار حقيقة الذات مع كون الثاني متحدا مع الأول من جميع الوجوه ، أو إذا صح فرض اثنينية بها يصح التخلل المذكور.

Shafi 308