التي نقلناها عن الإمام الرازي وصاحب المحاكمات كما يعرف بالتدبر ، فتدبر تعرف.
ثم إن الشيخ في قوله : «وأما الكائنات التي تفسد فإن الفاسد منها هو المركب» إلى آخر ما نقلنا عنه تصدى لبيان أن الأجسام وصورها وموادها والأعراض الحالة فيها ، أي منها يمكن أن يفسد وأي منها لا يمكن أن يفسد ، وأن السبب في إمكانه وعدم إمكانه ما ذا؟ وأن أمر النفس ليس كأمر شيء منها.
فقال : وأما الكائنات التي تفسد ، كالاجسام العنصرية ، فإن الفاسد منها هو المركب المجتمع ، وقوة أن تفسد أو تبقى ليس في المعنى الذي به المركب واحد حتى يلزم قبوله للفساد من هذه الجهة ، والحال أن جهة الوحدة مشابهة للبساطة التي تنافي ذلك ، بل في المادة التي هي بالقوة قابلة لكلا الضدين أي بقاء صورها فيها وفسادها عنها ، وبسبب تلك المادة التي يلزمها أن يكون محلا لحال آخر يلزم أن يكون هناك كثرة ملتئمة من محل ومادة ، هي قابلة لكلا الضدين ، ومن صورة حالة بسببها تكون فعلية ذلك المركب وإن كان العمدة في قبول الفساد هو المادة ، إذ هي قابلة لفساد الصورة عنها في المركب وبسبب فساد الصورة يلزم فساد المركب أيضا. فليس في الفاسد المركب من جهة وحدته لا قوة أن يبقى ولا قوة أن يفسد ، بل كان منشأ قبول الفساد فيه جهة تلك الكثرة ، وذلك التركيب من صورة ومادة في تلك المادة قوة فساد الصورة التي من شأنها أن تفسد عنها وإن كانت المادة هي الأصل في قبول الفساد ، أي فساد الصورة ويتبعه فساد المركب ، فأشعر بما ذكره أن النفس حيث لم تكن مركبة من مادة فيها قوة الفساد ولا قائمة بالمركب ، كذلك لا تكون قابلة للفساد أصلا.
ثم قال : «وأما المادة أي مادة الجسم مطلقا سواء كانت مادة لجسم كائن فاسد ، أو لجسم ثابت على الدوام ، ففيها احتمالان : أحدهما وهو المرجوح أنها تبقى بنفس ذاتها لا بقوة تستعد بها للبقاء ، والآخر وهو الراجح إنما تبقى بقوة بها تبقى ، لكن ليس لها قوة أن تفسد شيئا آخر غير قوة البقاء ، لأن المراد بقولنا : أن في المادة قوة الفساد ، أن فيها قوة فساد غيرها كالصورة ، كما أن فيها قوة حدوث الصورة لا قوة فساد نفسها ، فإن الشيء لا يمكن أن يكون محلا لفساد نفسه ، ففيها قوة بقاء نفسها خاصة ، وعلى التقديرين يلزم أن تكون المادة باقية لبساطتها وعدم تركبها من مادة وصورة ، وإن ذلك وإن كان
Shafi 188