وأصل هذا الحديث في "الصحيحين" (^١)، وإسناده على شرطهما.
فوجه الدلالة: أنَّ هذا الناذِرَ لما نَذَر الذبحَ سأله: هل كان بها وَثَن أو عيد؟ ثم قال: "لا وفاء لنذرٍ في معصية الله"؛ فيدلُّ على أن الذبح بمكان عيدِهم وموضعِ أوثانهم معصية، فإنه عقَّب: "فأوف" بالفاء؛ فيدلُّ على أن الوصفَ هو سبب الحكم، فيكون سبب الوفاء بالنذر وجوده خاليًا عن هذين الوصفين، ويكون (^٢) الوصفان مانِعَيْن من الوفاء، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهيًّا عنه فكيف الموافقة في نفس العيد!؟
وبُوانة: بضمِّ الباء، بواحدة (^٣) من أسفل، موضعٌ (^٤) .
وهذا نهيٌ شديد عن أن يُفْعَل شيء من أعياد الجاهلية على أيِّ وجهٍ كان، وأعياد الكفار -الكتابيين والأميين- في دين الإسلام من جنسٍ واحدٍ، كما أن كفرهم سواء في التحريم، وإن كان بعضُه أشدّ تحريمًا، ولا يختلف حكمها في حقِّ المسلمين، لكن أهل الكتاب أُقِرُّوا على دينهم مع أنه شُرِطَ عليهم أَلا يُظهروا أعيادهم؛ بل أعياد الكتابيين أعظم كفرًا؛ لأنهم يتخذونها دينًا، بخلاف الذين يتخذونها لهوًا ولعبًا؛ لأن التعَبُّد بما يُسْخِط الله أعظم من اقتضاء الشهوات [بما حرمه] (^٥)،
_________
(^١) أي ما يتعلق بالنذر، كما في البخاري رقم (٦٦٩٦)، ومسلم رقم (١٦٤١) من حديث عائشة ﵂.
(^٢) كذا بالأصل، والأنسب للسياق: "فيكون" كما في "الاقتضاء".
(^٣) كذا بالأصل وهو مستقيم، وفي "الاقتضاء": "الموحدة".
(^٤) قريب من ينبع كما في "معجم البلدان": (٥/ ٥٠٥).
(^٥) زيادة من "الاقتضاء": (١/ ٤٩٩) يقتضيها السياق.
1 / 84