وذهبَ فرقةٌ من الناس إلى أن لا فَضْلَ لجنس العرب على جنس العجم، وهؤلاء يسمَّون: الشُّعُوبية؛ لانتصارهم للشعوب التي هي مُغايرة للقبائل (^١). كما قيل: القبائل للعرب، والشعوب للعجم.
ومن الناس من قد يُفضِّل بعض أنواع العجم على العرب، والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدُر إلا عن نفاقٍ؛ ولهذا جاء في الحديث: "حُبُّ العربِ إيمان وبُغْضُهم نِفَاق" (^٢)، مع أن الكلام في هذه المسائل لا يكاد يخلو عن هوى للنفس ونصيب للشيطان من الطرفين، وهو محرَّم في جميع المسائل، فإن الله أمر بالاعتصام [بحبله] (^٣)، ونهى عن التفرُّق والاختلاف.
والدليل على فضل جنس العرب، ثم قريش، ثم بني هاشم ما رواه الترمذي (^٤) عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله! إن قريشًا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم، فجعلوا مثلك كمثل نخلةٍ في كبوةٍ من الأرض، فقال ﷺ: "إنَّ الله خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي في خَيْر فِرَقِهِم، وخيَّر الفَرِيْقَيْنِ ثُمَّ خَيَّرَ القبائِلَ فَجَعَلَني في خيرِ قَبِيْلَةٍ، ثم خَيَّرَ
_________
(^١) في الأصل: "القبائل"، والمثبت من "الاقتضاء".
(^٢) أخرجه بهذا اللفظ العراقي في "مَحَجَّة القُرَب": (ص/ ١٠٧) من حديث ابن عُمر، ونَقَل عن الدارقطني قوله: "هذا حديث غريب، من حديث الزهري عن سالم ... ".
وللحديث شواهد من حديث أنسٍ وغيره، انظرها في "مَحَجَّة القرب": (ص/ ٧٠، ٨٣ - ٨٥، ١٠٥ - ١٠٨).
(^٣) ما بين المعكوفين من "الاقتضاء"، وبه يتم الكلام.
(^٤) رقم (٣٦٠٧). من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله ابن الحارث عن العباس بن عبد المطلب به.
1 / 68