الباب عن سائر أئمة المسلمين أكثر من أن يُحصَى عُشْره، وبدون ما ذكرنا يُعْلَم اتفاق المسلمين على كراهة التشبُّه بأهل الكتاب والأعاجم في الجملة، وبالله المستعان وعليه التكلان.
فصلٌ (^١)
ومما يُشبه هذا: الأمر بمخالفة الشياطين، كما روى مسلمٌ (^٢) أنه ﷺ قال: "لا يأُكُلَنَّ أَحَدٌ منكم بشمالِه ولا يَشْرَبَنَّ بها، فإنَّ الشَّيْطانَ يأكُل بِشِمالِه ويَشْرَبُ بها" ونظائره كثيرة.
وقريب من هذا مخالفة من لم يكمل دينُه من الأعراب ونحوهم؛ لأن كمال الدين بالهجرة، فمن لم يُهاجر من الأعراب ونحوهم ناقص، قال تعالى: ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ الآية [التوبة: ٩٧].
وقال ﷺ: "لا تَغْلبَنَّكُمُ الأَعْرابُ على اسْمِ صَلَاتِكم، أَلا إنَّها العشاء وهم يُعْتِمون بالإبل" (^٣)، وقال: "لا تَغْلِبَنَّكم الأَعرابُ على اسْمِ صَلَاتِكم المَغْرِب"، وقال: "والأَعْرابُ تقولُ هي العِشاءُ" (^٤).
فقد كره موافقةَ الأعراب في اسمي المغرب والعشاء، بالعشاء والعَتَمة، وهذا عند بعض علمائنا يقتضي كراهة هذا الاسم مطلقًا، وعند بعضهم إنما يكره الإكثار منه حتى يغلب على الاسم الآخر، وهو المشهور عندنا.
_________
(^١) "الاقتضاء": (١/ ٤٠٧).
(^٢) رقم (٢٠٢٠) من حديث ابن عمر ﵄.
(^٣) أخرجه مسلم رقم (٦٤٤) من حديث ابن عمر ﵄.
(^٤) أخرجه البخاري رقم (٥٦٣) من حديث عبد الله بن مغفَّل ﵁.
1 / 63