ولهذا قال السلف -سفيانُ بن عُيَينة وغيره-: "من فَسَد من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود، ومن فسدَ من عُبَّادنا ففيه شَبَهٌ من النصاري".
ومع أنَّ الله قد حذَّرنا سبيلهم، ثم مع ذلك فقضاؤه نافذ بما أخبرَ به رسولُه، حيث قال: "لَتتَّبِعُنَّ سَنَنَ من كان قَبْلَكُمْ حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّةِ، حَتَّى لو دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُموه" قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: "فَمَنْ" (^١)؟!. حديث صحيح.
ورواه البخاري (^٢) عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: "لا تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخَذَ أُمَّتِي ما أَخَذَ (^٣) القرونَ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وذِراعًا بِذِراعٍ" فقيل: يا رسولَ الله! كفارس والروم؟ قال: "وَمَن الناسُ إلا أُولئك"؟
وقد كان ينهى عن التشبُّه بهم، وليس ذلك إخبارًا عن جميع الأُمة، فإنه قال: "لا تَزَالُ طائفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظاهرينَ على الحقِّ حتَّى تقومَ السَّاعَةُ" (^٤).
وأخبرَ: أنه لا تجتمع هذه الأمةُ على الضلالة (^٥)، وأن لا يزال
_________
(^١) أخرجه البخاري رقم (٧٣٢٠)، ومسلم رقم (٢٦٦٩) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁. بنحوه.
(^٢) رقم (٧٣١٩).
(^٣) كذا بالأصل. وهي إحدى روايات الصحيح، ورواية الإسماعيلي. وضُبِطت بأوجهٍ أخرى انظر "الفتح": (١٣/ ٣١٣).
(^٤) أخرجه البخاري رقم (٣٦٤٠)، ومسلم برقم (١٩٢٠، ١٩٢١) من حديث المغيرة ﵁ وغيره.
(^٥) جاء هذا المعنى في عدة أحاديث عن عدد من الصحابة، منهم ابن عمر عند الترمذي برقم (٢١٦٧) وابن أبي عاصم في "السنة": (١/ ٣٩ رقم ٨٠)، وكعب =
1 / 21