فإذا كان قبر النبي ﷺ -مع أنه أفضل قبر على وجه الأرض- قد نُهي عن اتخاذه عيدًا، فقبر غيره أولى بالنهي، مع كونه قَرَن ذلك بقوله: "لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكم قُبُوْرًا" أي: لا تعطِّلوها من الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحرِّي العبادة في البيوت، ونهى عن تحرِّيها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبَّه بهم.
وفي "الصحيحين" (^١) قال: "اجْعَلوا من صلاتِكُم في بُيُوتكم ولا تتَّخِذُوها قُبُورًا"، وقال -أيضًا-: "فإنَّ صلاتَكُم تَبْلُغني" (^٢) يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قُربكم من قبري وبُعدكم، فلا حاجةَ بكم إلى اتخاذه عيدًا.
والأحاديث بأن صلاتنا تُعْرَض عليه كثيرة مشهورة صحيحة (^٣).
مع كون أفضل التابعين [من أهل بيته] (^٤) علي بن الحسين رأى ذلك الرجلَ يدعو عند قبره فنهاه، وروى له حديث: "لا تتَّخِذُوا قَبْري عِيْدًا" (^٥) فعلم أنَّ قَصدَه للدعاء ونحوه اتخاذٌ له عيدًا، وهو أعلم بمعني الحديث من غيره.