فيحتجب الْعقل عَن صَوَاب الرَّأْي فَإِذا قهر الْملك نَفسه عَن هَواهَا ومنعها شهواتها الصائرة بهَا ونهاها ظهر لَهُ صَوَاب التَّدْبِير فِي مرْآة الْعقل وَمَتى لم يملك الْملك ضبط نَفسه عَن هَواهَا وَهِي وَاحِدَة لم يملك ضبط حواسه وَهِي خمس وَإِذا لم يملك ضبط حواسه مَعَ قلتهَا وذلتها صَعب عَلَيْهِ ضبط خاصته من أعوانه وعامته مَعَ كَثْرَة جمعهم وخشونة جانبهم وَمن لم يضْبط خاصته من أعوانه وهم نصب عَيْنَيْهِ لم يضْبط عامته من رَعيته فِي أقاصي بِلَاده وأطراف مَمْلَكَته فَلَيْسَ من عَدو بعد قهر النَّفس أَحَق بالقهر من الْحَواس الْخمس لِأَنَّهُنَّ أعوان النَّفس ودليلها إِلَى الشَّهَوَات الموبقة وَقد رَأينَا قُوَّة الحاسة الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ على انفرادها إِذا أَتَت على نفس من النُّفُوس القوية الحذرة ألهتها عَن مصلحتها حَتَّى توردها حِيَاض الْمَوْت فَكيف بهَا إِذا اجْتمعت خمْسا
1 / 185