فصل أفعال النبي عليه السلام: سوى الزلة عنه عليه السلام اربعة مباح ومستحب وواجب وفرض والصحيح عندنا ان ما عملنا من افعاله عليه السلام واقعا على جهة نقتدي به في ايقاعه على تلك الجهة ومالا نعلم على أي جهة فعله النبي عليه السلام فلما فعله على ادنى منازل افعاله عليه السلام وهوالاباحة والوحي نوعان ظاهر وباطن فالظاهر ما ثبت بلسان الملك فوقع في سمعه بعد علمه بالمبلغ بآية قاطعه وهو الذي انزل عليه بلسان الروح الامين او ثبت عنده عليه السلام شبهه بالهام من الله تعالى بان اراه الله بنور من عنده والباطن ما بنال بالاجتهاد بالتامل في الاحكام المنصوصة فابى بعضهم ان بكون هذا من حظه عليه السلام وعندنا هو مأمور بانتظام الوحي فيما لم يوح اليه ثم العمل بالرأي بعد انقضاء مدة الانتظار الا انه عليه السلام معصوم من القرار على الخطأ بخلاف ما يكون من غيره من البيان بالرأي وهذا كالالهام فانه حجة قاطعة في حقه وان لم يكن في حق غيره بهذه الصفة وشرائع من قبلنا تلزمنا اذا قص الله ورسوله علينا من غير انكار على انه شريعة لرسولنا عليه السلام وتقليد الصحابي واجب يترك القياس به لاحتمال السماع من النبي عليه السلام وقال الكرخي لا يجب تقليده الا فيما لا يدرك بالقياس وقال الشافعي رحمه الله لا يقلد احد منهم وقد عمل اصحابنا بالتقليد فيما لا يعقل بالقياس كما في اقل الحيض وشراء باع باقل مما باع واختلف عملهم في غيره كما في اعلام قدر رأس المال والاجير المشترك وهذا الاختلاف في كل ما ثبت عنهم من غير خلاف بينهم ومن غير ان يثبت ان ذلك بلغ غير قائلة فسكت مسلماله واما التابعي فان ظهرت فتواه في زمن الصحابة رضي الله عنهم كشريح كان مثلهم عند البعض وهو الصحيح باب الاجماع: ركن الاجماع نوعان عزيمة وهو التكلم منهم بما توجب الاتفاق او شروعهم في الفعل ان كان من بابه ورخصة وهو ان يتكلم او يفعل البعض دون البعض وفيه خلاف الشافعي رحمه الله واهل الاجماع من كان مجتهد الا فيما يستغني فيه عن الاجتهاد ليس فيه هوى ولا فسق وكونه من الصحابة اومن العترة لا يشترط وكذا اهل المدينة وانقراض العصر وقيل يشترط للاجماع اللاحق عدم الاختلاف السابق عند ابي حنيفة رحمه الله وليس كذلك في الصحيح والشرط اجماع الكل وخلاف الواحد مانع كخلاف الاكثر وحكمه في الاصل ان يثبت المراد به شرعا على سبيل اليقين والداعي وقد يكون من اخبار الآحاد والقياس واذا انتقل الينا اجماع السلف باجماع كل عصر على نقله كنقل الحديث المتواتر واذا انتقل الينا بالافراد كان كنقل السنة بالآحاد ثم هو على مراتب فالاقوى اجماع الصحابة نصا فانه مثل الآية والخبر المتواتر ثم الذي نص البعض وست الباقون ثم اجماع من بعدهم على حكم لم يظهر فيه خلاف من سبقهم ثم اجماعهم على قول سبقهم فيه مخالف والامة اذا اختلفوا على اقوال كان اجماعا منهم على ان ما عداها باطل وقيل هذا في الصحابة خاصة باب القياس: القياس في اللغة التقدير وفي الشرع تقدير الفرع بالاصل في الحكم والعلة وانه حجة نقلا وعقلا اما النقل فقوله تعالى فاعتبروا يا اولي الابصار وحديث معاذ معروف واما المعقول فهو ان الاعتبار واجب وهو التامل فيما اصاب من قبلنا من المثلات باسباب نقلت عنهم لنكف عنها احترازا عن مثله من الجزاء وكذلك التامل في حقائق اللغة لاستعرة غيرها سائغ والقياس نظيره وبيانه في قوله عليه السلام الحنطة بالحنطة أي بيعو الحنطة بالحنطة والحنطة مكيل قوبل بجنسه وقوله مثلا بمثل حال لما سبق والاحوال شروط أي بيعوا بهذا الوصف والامر للايجاب والبيع مباح فيصرف الامر الى الحال التي هي شرط واراد بالمثل القدر بدليل ما ذكر في حديث آخر كيلا ببكيل واراد بالفضل الفضل على القدر ثم حرمته بناء على فوات حكم الامر هذا حكم النص والداعي اليه القدر والجنس لان ايجاب التسوية بين هذه الاموال يقتضي ان تكون امثالا متساوية ولن تكون كذلك الا بالقدر والجنس لان المماثلة تقوم بالصورة والمعنى وذلك بالقدر والجنس وسقطت قيمة الجودة بالنص هذا حكم النص ووجدنا الارز وغيره امثالا متساوية فكان الفضل على الممثالة فيهها فضلا خاليا عن العوض في البيع مثل حكم النص بلا تفاوت فلزمنا اثباته على طريق الاعتبار وهو نظير المثلات فان الله تعالى قال هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب والاخراج من الديار عقوبة كالقتل والكفر يصلح داعيا اليه واول الحشر يدل على تكرار تلك العقوبة ثم دعانا الى الاعتبار بالتامل في معاني النص للعمل به فيما لا نص فيه فكذلك ههنا والاصول في الاصل معلولة الا انه لا بد في ذلك من دلالة التمييز ولا بد قبل ذلك من قيام دليل على انه للحال شاهدتم ثم القياس تفسير لغة وشريعة كما ذكرنا وشرط وركن وحكم ودفع فشرطه ان لا يكون الاصل مخصوصا بحكمه بنص آخر كشهادة حزيمة وان لا يكون معدولابه عن القياس كبقاء الصوم مع الاكل والشرب ناسيا وان يتعدى الحكم الشرعي الثابت بالتص بعينه الى فرع هو نظيره ولا نص فيه فلا يستقيم التعليل لاثبات اسم الزنا للواطة لانه ليس بحكم شرعي ولا لصحة ظهار الذمى لكونه تغييرا للحرمة المتناهية بالكفارة في الاصل الى اطلاقها في الفرع عن الغاية ولا لتعدية الحكم من الناس في الفطر الى المكره والخاطىء لان عذرهما دون عذره ولا لشرط الايمان في رقبة كفارة اليمين والظهارلانه تعدية الى شيء فيه نص بتغييره والشرط الرابع ان يبقى حكم النص بعد التعليل على ما كان قبله وانما خصصنا القليل من قوله عليه السلام لا تبيعوا الطعام بالطعام الا سواء بسواء لان استثناء حال التساوي دل على عموم صدره في الاحوال وان يثبت ذلك ولا في الكثير فصار التغيير بالنص مصاحبا للتعليل لا به وانما سقط حق الفقير في الصورة بالنص لا بالتعليل لانه تعالىوعد ارزاق الفقراء ثم اوجب مالامسمى على الاغنياء لنفسه ثم امر الله تعالى بانجاز المواعيد من ذلك المسمى وذلك لا يحتمله مع اختلاف المواعيد فكان اذنا بالاستبدال وركنه ما جعل علما على حكم النص مما اشتمل عليه النص وجعل الفرع نظيرا له في حكمه بوجوده فيه وهو جائز ان يكون وصفا لازما وعارضا واسماء وجليا وخفيا وحكما وفردا وعددا ويجوز في النص وغيره اذا كان ثلبتا به ودلالة كون الوصف علة صلاحه وعدالته بظهور اثره في جنس الحكم المعلل به وتعني بصلاح الوصف وهو يكون على موافقة العلل المنقولة عن رسول الله صلى عليه وسلم وعن السلف كتعليلنا بلصغر في ولاية المباكح لما يتصل به من العجز فانه مؤثر تأثير الطواف لما يتصل به الضرورة دون الاطراد وجودا وعدما لان الوجود قد يكون اتفاقا ومن جنسه التعليل بالنفي لان استقصاء العدم لا يمنع الوجود من وجه آخر كقول االشافعي رحمه الله في النكاح بشهادة النساء مع الرجال انه ليس بمال الا ان يكون السبب معينا كقول محمد في ولد تاغصب لنه لم يضمن لانه لم يغضب والاحتجاج باستصخاب الحال لان المثبت ليس بمبق وذلك في كل حكم عرف وجوبه بدليله ثم وقع الشك في زواله كان استصحاب المستدل حال البقاء على ذلك موجبا عند الشافعي وعندما لا يكون حجة موجبة ولكنها حجة دافعه حتى قلنا في الشقص اذا بيع من الدار وطلب الشريك الشفعه فانكر المشترى ملك الطالب فيما في يده ان القو قوله ولا يجب الشفعه الا بينة وقال الشافعي رحمه الله يجب بغير بينه والاحتجاج بتعارض الاشياء كقول زفر رحمه الله في المرافق ان من الغايات ما يدخل في المغيا ومنها ما لا يدخل فلا تدخل بالشك وهذا عمل بغير دليل والاحتجاج بما لا يستقل الا بوصف يقع به الفرق كقولهم في مس الذكر انه مس الفرج فكان حدثا كما اذا مسه وهو يبول والاحتجاج بالوصف المختلف فيه كقولهم في الكتابة الحالة انه عقد لا يمنع من التفكير فكان فاسدا كالكتابة بالجمر والاحتجاج بما لا يشك في فساده كقولهم الثلاث العدد ناقص العدد عن سبعة فلا يتأدى به الصلاة كما دون الاية والاحتجاج بلا دليل وجمله ما يعلل له اربعة اثبات الموجب او وصفه واثبات الشرط او وصفه واثبات الحكم او وصفه كالجنسية لحرمة النساء وصفه السوم في زكاة الانعام والشهود في النكاح وشرط العدالة والذكورة فيها والبتيراء وصفة الوتر والرابع تعدية حكم النص الى ما لا نص فيه ليثبت فيه بغالب الرأي فالتعدية حكم لازم عندنا جائز عند الشافعي رحمه الله لانه يجوز التعليل بالعلة القاصرة كالتعليل بالثمنية والتعليل للاقسام الثلاثة الاول ونفسها باطل فلم يبق الا الرابع والاستحسان يكون بالاثر والاجماع والضرورة والقياس الخفى كالسلم والاستصناع وتطهير الاواني وطهارة سؤر سباع الطير ولما صارت العلة عندنا علة بأثرها قدمنا على القياس الاستحسان الذي هو القياس الخفي اذا قوى اثره وقدمنا القياس لصحة اثره الباطن على الاستحسان الذي ظهر اثره وخفى فساده كما اذا تلا ايه السجدة في صلاته فأنه يركع بها قياسا وفي الاستحسان لا يجزيه ثم المستحسن بالقياس الخفي يصح تعديه بخلاف الاقسام الاخر الا يرى ان الاختلاف في الثمن قبل قبض المبيع لا يوجب يمين البائع قياسا ويوجبه استحسانا وهذا حكم تعدى الى الوارثين والاجارة واما بعد القبض فلم يجب يمين البائع الا بالاثر فلم يصح تعديته وشرط الاجتهاد ان يحوى علم الكتاب بمعانيه ووجوهه التي قلنا وعلم السنه بطرقها وان يعرف وجوه القياس وحكمه الاصابه بغالب الرأى حتى قلنا ان المجتهد يخطىء ويصيب والحق في موضع الخلاف واحد باثر ابن مسعود في المفوضة وقالت المعتزله كل مجتهد مصيب والحق في موضع الخلاف متعدد وهذا الخلاف في الشرعيات لافي العقليات الاعلى قول بعضهم ثم المجتهد اذا اخطأ كان مخطئا ابتداء وانتهاؤ عند البعض والمختار انه مصيب ابتداء ومخطىء انتهاء ولهذا قلنا لا يجوز تخصيص العلة لانه يؤدي الى تصويب كل مجتهد خلافا للبعض وذلك ان يقول كانت على توجب ذلك لكنه لم يجب مع قيامها مانع فصار مخصوصا من العلة بهذا الدليل وعندنا عدم الحكم بناء على عدم العلة وبيان ذلك في الصائم النائم اذا صب الماء في حلقه انه يفسد الصوم لفوات ركنه ويلزم عليه الناس فمن اجاز الخصوص قال امتنع حكم هذا التعليل ثمه لمانع وهو الاثر وقلنا عدم لعدم العلة لان فعل الناس منسوب الى صاحب الشرع فسقط عنه معنى الجناية وبقى الصوم لبقاء الصوم لبقاء ركنه لا لمانع مع فوات ركنه وبنى على هذا تقسيم الموانع وهي خمسه مانع يمنع انعقاد العلة كبيع الحر ومانع يمنع تمام العلة كبيع عبد الغير ومانع يمنع ابتداء الحكم كخيار الشرط ومانع يمنع تمام الحكم كخيار الرؤية ومانع يمنع لزوم الحكم كخيار العيب ثم العلل نوعان طردية ومؤثرة وعلى كل قسم ضروب من الدفع اما الطردية فوجوه دفعها اربعه القول بموجب العلة وهو التزام ما يلزمه المعلل بتعليله كقولهم في صوم رمضان انه صوم فرض فلا يتأدى الا بتعيين النية فتقول عندنا لا يصح الا بالتعيين وانما نجوزه باطلاق النية على انه تعيين والممانعه وهي اما ان تكون في نفس الوصف او في صلاحه للحكم مع وجوده او في نفس الحكم او في نسبته الى الوصف وفساد الوضع كتعليلهم لايجاب الفرقة بإسلام احد الزوجين والمناقضة كقول الشافعي رحمه الله في الوضوء والتيمم انهما طهارتان فكيف افترقا في النية فانه ينتقض بغسل الثوب واما المؤثرة فليس للسائل فيها بعد الممانعه الا بالمعارضة لانها لا تحتمل المناقضة وفساد الوضع بعد ما ظهر اثرها بالكتاب والسنه واجماع الامه لكنه اذا تصور مناقضة يجب دفعه بطرق اربعه كما نقول في الخارج من غير السلبين انه بخس خارج فكان حدثا كالبول فيورد عليه ما اذا لم يسل فندفعه اولا بالوصف وهو انه ليس بخارج ثم بالمعنى الثابت بالوصف دلالة وهو وجوب غسل ذلك الموضع فيه صار الوصف حجة من حيث ان وجوب التطهير في البدن باعتبار ما يكون منه لا يتجزأ وهناك لم يجب غسل ذلك الموضع فعدم الحكم لعدم العلة ويورد عليه صاحب الجرح السائل فندفعه بالحكم ببيان انه حدث موجب للتطهير بعد خروج الوقت وبالغرض فإن عرضنا التسوية بين الدم والبول وذلك حدث فاذا لزم صار عفوا لقيام الوقت فكذا هذا واما المعارضة فهي نوعان معارضة فيها مناقض وهي القلب وهو نوعان احدهما قلب العلة حكما والحكم علة كقولهم لان الكفار جنس يجلد بكرهم مائة فيرجم ثيبهم كالمسلمين فنقول المسلمون انما يجلد بكرهم مأة لانه يرجم ثيبهم والمخلص منه ان يخرج الكلام مخرج الاستدلال فانه يمكن ان يكون الشيء دليلا على شيء وذلك الشيء يكون دليلا عليه والثاني قلب الوصف شاهدا على الخصم بعد ان يكون شاهد اله كقولهم في صوم رمضان انه صوم فرض فلا يتأذى الا بتعيين النية كصوم القضاء فقلنا لما كان صوما فرضا استغنلى عن تعيين النية بعد تعينه كصوم القضاء لكنه انما يتعين بالشروع وهذا تعين قبله وتقلب العلة من وجه اخر وهو ضعيف كقولهم هذه عبادة لا نمضي في فسادها فلا يلزم بالشروع كالوضوء فيقال لهم لما كان كذلك وجب ان يستوى فيه عمل النذر والشروع ويسمى عكسا والثاني المعارضة الخالصة وهي نوعان احدهما في حكم الفرع وهو صحيح سواء عارضه بضد ذلك الحكم بلا زيادة او بزيادة هي تفسير او تغيير او فيه لما نفى لم يثبته الاول او اثبات لما لم ينفه الاول لكن تحته معارضة للاول او في حكم غير الاول لكن فيه نفى الاول والثاني في علة وذلك باطل سواء كانت بمعنى لا يتعدى او يتعدى الى مجمع عليه او مختلف فيه وكل كلام صحيح في الاصل يذكر على سبيل المفارقة فنذكره على سبيل الممانعه واذا قامت المعارضة كان السبيل فيه الترجيح وهو عبارة عن فضل احد المثلين على الاخر وصفا حتى لا يترجح القياس بقياس اخر وكذا الحديث والكتاب وانما يترجح بقوة فيه وكذا صاحب الجراحات لا يترجح على صاحب جراحة حتى يكون الدية نصفين وكذا الشفيعان في الشقص الشائع المبيع بسهمين متفاوتين سواء وما يقع به الترجيح اربعه بقوة الاثر كالاحسان في معارضة القياس وبقوة ثباته على الحكم المشهود به كقولنا في صوم رمضان انه متعين اولى من قولهم صوم فرض لان هذا مخصوص في الصوم بخلاف التعيين فقد تعدى الى الودائع والمغصوب ورد البيع الفاسد وبكثرة اصوله وبالعدم عند العدم وهو العكس واذا تعارض ضربا الترجيح كان الرجحان في الذات احق منه في الحال لان الحال قائمه بالذات تابعة له بالطبخ والشيء لانه الصنعه قائمه بذاتها من كل وجه والعين هالكه من وجه وقال الشافعي رحمه الله صاحب الاصل احق لان الصنعه قائمة بالمصوغ تابعه له والترجيح بغلبة الاشباه وبالعموم وقلة الاوصاف فاسد واذا ثبت دفع العلل بما ذكرنا كانت غاية ان يلجىء الى الانتقال وهو اما ان ينتقل من عله اخرى لاثبات الاولى او ينتقل من حكم الى حكم اخر بالعلة الاولى او ينتقل الى حكخم اخر وعله اخرى او ينتقل من عله الى عله اخرى لاثبات الحكم الاول لا لاثبات العلة الاولى وهذه الوجوه صحيحه الا الرابع ومحاجة الخليل عليه السلام مع اللعين ليست من هذا القبيل لان الحجة الاولى كانت لازمه الا انه انتقل دفعا للاشتباه .
Shafi 17