بنا انتعش العود الذواء وإنما
بأكنافنا تندى وتنمي أرومها (1)
فلما رأى مشركوا قريش اتفاق بني هاشم وبني عبد المطلب مع أبي طالب على الدفع عن رسول الله صلى الله عليه وآله، علموا أنهم لا يصلون إليه، فأجمعوا أمرهم على أن يقبض كل بطن منهم على من أسلم منهم فيأخذونه بالرجوع إلى دينهم، فمن لم يفعل عذبوه وأكرهوه على الرجوع، ففعلوا ذلك بكل ضعيف منهم ممن لا يجد من يحميه منهم، وحمى أبو طالب فيمن تبعه رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يصل إليه أحد بمكروه، وصبر من فتن من المسلمين عن دينه على عذاب قومه إياه، ورأوا منهم في ذلك ما أعجزتهم الحيلة له في أمرهم، وقرب وقت الموسم فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة وكان ذا سن فيهم فقالوا له: يا أبا عبد شمس قد قرب قدوم العرب علينا، وقد ترى ما نشأ من أمر محمد، ونخاف أن يستميل قبائل العرب، فما ترى أن نقول لها فيه لندفعها عنه؟ قل لنا في ذلك قولا نجتمع عليه.
فقال: بل أنتم فقولوا حتى أسمع ما تقولون.
قالوا نقول لها إنه كاهن.
قال: إذا لا يقبلون منكم ذلك، قد سمعنا كلام الكهان وسمعوه فما كلامه يشبه كلامهم.
قالوا: فنقول إنه شاعر.
قال: وكذلك قد عرفنا الشعر وعرفوه فما يشبه قوله قولهم.
قالوا: فنقول مجنون.
قال: قد عرفنا المجانين وعرفوهم فما يشبه حاله حالهم.
قالوا: فنقول ساحر.
قال: ولا ذاك قد رأينا السحرة ورأوهم فما هو منهم.
Shafi 90