وقيل: إن عمرو بن العاص بعد ذلك استزاد معاوية لما سار علي عليه السلام إلى معاوية فقال عمرو لمعاوية: لي مصر ولا بني عبد الله الكوفة.
قال: ذلك لك وله.
قال: والله على ما تقول وكيل.
قال: والله على ما نقول وكيل.
وعلى هذا اتبع عمرو بن العاص معاوية وشايعه وولاه وباعه آخرته بدنياه.
وكان عمرو معروفا بالموجدة على عثمان والرزية عليه مذ عزله عن مصر، فهو كان أسر الناس بما أصابه، فلما صار الأمر إلى علي عليه السلام جاءت العداوة الأصلية والضغائن الجاهلية، وكان سبب عزل عثمان عمرا عن مصر: أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان عامله بمصر على الخراج والجزية، فكتب إليه يشتكي عمرا: أنه كسر عليه الجزية وأخرب عليه الأرض، وكان أخا عثمان لأمه ورضيعه، وقد ذكرنا خبره واستنقاذه إياه من رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة لما أمر بقتله.
وكتب عمرو: أن عبد الله أمسك يده عن عدوه.
فعزل عثمان عمرا وجمع العمالة كلها لعبد الله فوفر المال، فلما دخل إلى عثمان أحضر عمرو بن العاص فقال له: هل علمت يا أبا عبد الله أن اللقاح قد درت من بعدك.
قال: ذلك إنكم أعجفتم أولادها (1).
ولم يزل عمرو متسخطا على عثمان مذ عزله، وقد ذكرنا عداوة عمرو بن العاص لعنة الله عليه لرسول الله صلى الله عليه وآله وهجاءه إياه، وخروجه إلى أرض الحبشة يستنصر عليه، وأن إسلامه إنما كان استسلاما كإسلام أبي سفيان ومعاوية لما غلب عليه، وهو الذي أشار إلى معاوية برفع المصحف، وحمل علي عليه السلام عليه في يوم من أيام صفين
Shafi 272