علماء الأمة على خلافه، وإنما تكلمنا فيه لأنه قيل وجرى ذكره، والنجاشي أقل من أن يكون قوله لو كان ما عسى أن يقوله حجة على علي عليه السلام وعلى من اعتقد فضله وقال به.
وقد كان علي عليه السلام أتى بالنجاشي وقد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه الحد ثم أخرجه من غد فضربه أسواطا فقال: يا أمير المؤمنين ما هذه العلاوة؟
قال: «لاستخفافك بالصوم، وإفطارك في شهر رمضان» (1).
فليس النجاشي ممن يعد في هذا قوله ولا يلتفت إليه، ولا يؤمن أن يكون لعداوته لعلي عليه السلام ألقى هذه النكتة لمعاوية، إذ لم يمكنه فيه غيرها ليجري فيها مثل ما جرى من القول.
وقال بعض من بالغ في مدح معاوية: كان عاقلا، فاستمال الناس إليه وصرف قلوبهم نحوه بمداراتهم، وأصلح ناحية كل واحد منهم بما رأى أن فيه صلاحه، وليس بعاقل من أفسد دينه وليس العقل لو سلم من فساد الدين مما يستحق به وحده الخلافة، وقد ذكر بالعقل كثير من الناس، لم يرهم من ذكرهم به أهلا للخلافة، وإنما يوصف بالعقل من كان على هدى، فأما من كان على ضلالة فليس بمنسوب إلى العقل، كأن الله عز وجل إنما وصف الضالين عن سبيله بأنهم لا يعقلون وبأنهم يجهلون في مواضع من كتابه، فلا ينبغي أن يوصف بالعقل ضال عن سبيل الله ولا صاد عن تذكره، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: إنما يتذكر أولوا الألباب* (2) والألباب العقول، فمن لم ينتفع بالتذكرة فليس بذي عقل، وإنما يوصف بالعقل من عقل عن الله أمره ونهيه واهتدى بهديه، فأما من قاده العقل الفاسد إلى الضلالة فهو
Shafi 266