بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام الأجل الصدر ضياء الدين، شمس الإسلام ناصح الخلفاء، مفتي الأمة، مقتدى الفريقين، صدر الأئمة، أخطب الخطباء، أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي البكري الخوارزمي رضي الله عنه: ذكر فضائل أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام بل ذكر شئ منها، إذ ذكر جميعها يقصر عنه باع (1) الاحصاء، بل ذكر أكثرها يضيق عنه نطاق طاقة الاستقصاء يدلك على صدق ما ذكرت ما.
[1 - أخبرني به السيد الإمام الأول المرتضى، شرف الدين، عز الإسلام، علم الهدى، نقيب نقباء الشرق والغرب، أبو الفضل محمد بن علي بن محمد بن المطهر بن المرتضى الحسيني - في كتابه إلي من مدينة الري - جزاه الله عني خيرا ".
قال: أخبرني السيد أبو الحسن علي بن أبي طالب الحسيني السيلقي، بقراءتي عليه قال: أخبرني الشيخ العالم أبو النجم محمد بن عبد الوهاب بن عيسى السمان الرازي، قال: أخبرني الشيخ العالم أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي، أخبرني محمد بن علي بن محمد بن جعفر الأديب بقراءتي عليه] (2).
Shafi 31
أنبأني الامام الحافظ صدر الحفاظ، أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني، قال أنبأني قاضي القضاة، الإمام الأجل، نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي، قال: أنبأنا الشريف الإمام الاجل، نور الهدى، أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي - رحمه الله - عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، قال: حدثني المعافى ابن زكريا أبو الفرج عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج عن الحسن بن محمد بن بهرام، عن يوسف بن موسى القطان، عن جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس (رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن الغياض (1) أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والانس كتاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام (2).
2 - وبهذا الاسناد عن ابن شاذان، قال حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد المخلدي (3) في كتابه عن الحسين بن إسحاق، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عماد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثيرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر; ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقى لذلك الكتاب رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله (4) له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب (5) من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر ثم قال: النظر إلى [أخي] علي بن أبي طالب عبادة، وذكره
Shafi 32
عبادة ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه (1).
3 - وأنبأني أبو العلاء الحافظ، قال أخبرنا [الحسين بن أحمد الهمداني] قال أخبرني الحسن بن أحمد المقري، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثني أحمد بن يعقوب بن المهرجان، حدثني علي بن محمد النخعي القاضي، قال حدثني الحسين بن الحكم، حدثني الحسن بن الحسين، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده قال قال رجل لابن عباس: سبحان الله ما أكثر مناقب علي وفضائله! إني لأحسبها ثلاثة آلاف، فقال ابن عباس: أولا تقول إنها إلى ثلاثين ألفا " أقرب (2).
قال رضي الله عنه: ويدلك على ذلك أيضا ما يروى عن الإمام الحافظ أحمد بن حنبل، وهو كما عرف أصحاب الحديث، في علم الحديث، قريع أقرانه (3) وإمام زمانه والمقتدى به في هذا الفن في ابانه (4)، والفارس الذي يكبو فرسان الحفاظ في ميدانه، وروايته (رض) فيه مقبولة، وعلى كاهل التصديق محمولة، لما علم أن الإمام أحمد بن حنبل ومن احتذى على مثاله ونسج على منواله وحطب في حبله وانضوى إلى حفله مالوا إلى تفضيل الشيخين " رضي الله عنهما " وأرضاهما وأظلنا يوم القيامة بظل رضاهما، فجاءت روايته فيه كعمود الصباح لا يمكن ستره بالراح وهو ما.
4 - أخبرني به الشيخ الإمام الزاهد فخر الأئمة أبو الفضل بن عبد الرحمان الحفربندي الخوارزمي رحمه الله إجازة. أخبرني الشيخ الإمام، أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي، قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمان بن أحمد بن محمد بن عبدان العطار، وإسماعيل بن أبي نصر، بن عبد الرحمان الصابوني وأحمد بن
Shafi 33
الحسين البيهقي قالوا جميعا ": أخبرنا أبو عبد الله الحافظ يقول: سمعت القاضي الإمام أبا الحسن علي بن الحسن، وأبا الحسن محمد بن المظفر الحافظ، يقولان:
سمعنا أبا حامد محمد بن هارون الحضرمي يقول: سمعت محمد بن منصور الطوسي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب عليه السلام (1).
قال (رض): وفضائله تشتمل على سبعة وعشرين فصلا:
الفصل الأول في بيان أساميه وكناه وألقابه وصفاته.
الفصل الثاني في بيان نسبه من قبل أبيه وأمه.
الفصل الثالث في [بيان] ما جاء في بيعته.
الفصل الرابع في بيان ما جاء في إسلامه وسبقه إليه ومبلغ سنه حين أسلم.
الفصل الخامس في بيان أنه من أهل البيت.
الفصل السادس في بيان محبة الرسول صلى الله عليه وآله إياه وتحريضه على محبته وموالاته ونهيه عن بغضه.
الفصل السابع في بيان غزارة علمه وأنه أقضى الأصحاب.
الفصل الثامن في بيان أن الحق معه وأنه مع الحق.
الفصل التاسع في بيان أنه أفضل الأصحاب.
الفصل العاشر في بيان زهده في الدنيا وقناعته منها باليسير.
الفصل الحادي عشر في بيان شرف صعوده ظهر النبي صلى الله عليه وآله لكسر الأصنام [عن بيت الحرام].
الفصل الثاني عشر في بيان تورطه المهالك في [حب] الله تعالى ورسوله صلى
Shafi 34
الله عليه وآله وشراء نفسه ابتغاء مرضاة الله تعالى.
الفصل الثالث عشر في بيان رسوخ الإيمان في قلبه.
الفصل الرابع عشر في بيان أنه أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه مولى كل من كان رسول الله صلى الله عليه وآله مولاه.
الفصل الخامس عشر في بيان أمر رسول الله صلى الله عليه وآله إياه بتبليغ سورة براءة.
الفصل السادس عشر في بيان محاربته مردة الكفار ومبارزته أبطال المشركين والناكثين والقاسطين والمارقين; وبيان ما جاء عن النبي في حيازته من الفضائل بذلك وهو فصول:
الفصل الأول في [بيان] محاربته الكفار.
الفصل الثاني في بيان قتال أهل الجمل وهم الناكثون.
الفصل الثالث في بيان قتال أهل الشام أيام صفين وهم القاسطون.
الفصل الرابع في بيان قتال الخوارج وهم المارقون.
الفصل السابع عشر في بيان ما نزل من الآيات في شأنه.
الفصل الثامن عشر في بيان أنه الاذن الواعية.
الفصل التاسع عشر في بيان فضائل له شتى.
الفصل العشرون في [بيان] تزويج رسول الله صلى الله عليه وآله إياه فاطمة عليها السلام.
الفصل الحادي والعشرون في بيان أنه من أهل الجنة وأن الجنة اشتاقت إليه وانه مغفور الذنب.
الفصل الثاني والعشرون في بيان أنه حامل لواء رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة.
Shafi 35
الفصل الثالث والعشرون في بيان ان النظر إليه وذكره عبادة.
الفصل الرابع العشرون في بيان شئ من جوامع كلمه وبوالغ حكمه.
الفصل الخامس والعشرون في بيان من غير الله خلقهم وأهلكهم بسبهم إياه.
الفصل السادس والعشرون في بيان مقتله.
الفصل السابع والعشرون في بيان مدة خلافته ومبلغ سنه.
Shafi 36
الفصل الأول في بيان أساميه وكناه وألقابه وصفاته عليه السلام الأسامي: اسمه الذي اشتهر به " علي " وجاء فيه يوم بدر حين أحسن البلاء:
لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي (1) قال (رض) ومن مقالاتي فيه:
ان علي بن أبي طالب * خير الورى والغالب الطالب يا طالبا " مثل علي وهل * في الخلق مثل للفتى الطالبي فتوى رسول الله أن لا فتى * إلا علي بن أبي طالب وذو الفقار العضب لم يحكمه * سيف وان السيف بالضارب (2) وجاء في أساميه أسد وحيدرة.
لما أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد زين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا الشيخ قاضي القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، قال اخبرني أبو عبد الله الحافظ، قال أخبرني أبو بكر ابن نالويه. حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا مصعب بن عبد الله قال: كان اسم على أسدا ولذلك يقول:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة (3)
Shafi 37
قال (رض) ومن مقالاتي فيه رضي الله عنه:
أسد الإله وسيفه وقناته * كالظفر يوم صياله والناب جاء النداء من السماء وسيفه * بدم الكماة يلج في التسكاب لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * إلا علي هازم الأحزاب (1) الكنى: وكناه: أبو تراب، وأبو الحسن، وأبو الحسين، وأبو محمد.
6 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين البيهقي هذا، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الفضل ابن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم [عن أبي حازم]، عن سهل بن سعد قال: استعمل على المدينة رجل من آل مروان قال فدعا سهل بن سعد فأمره ان يشتم عليا قال فأبى سهل فقال له: أما إذ أبيت فقل: لعن الله أبا تراب. فقال سهل: ما كان لعلي أسم أحب إليه من أبي تراب وان كان ليفرح إذا دعي به. فقال له أخبرنا عن قصته لم سمى أبا تراب؟ فقال جاء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بيت فاطمة عليها السلام فلم يجد عليا " في البيت فقال لها: أين ابن عمك؟ فقالت: كان بيني وبينه شئ، فغاضبني فخرج فلم يقل (2) عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لانسان: أنظر أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه، فأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب قم أبا تراب (3)
Shafi 38
أخرجه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري عن قتيبة بن سعيد.
7 - أنبأني سيد القراء أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار [الهمداني]، قال أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرى، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا محمود بن محمد المروزي، حدثنا حامد بن آدم المروزي، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: لما آخى النبي صلى الله عليه وآله بين أصحابه وبين المهاجرين والأنصار فلم يواخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم، خرج علي عليه السلام مغضبا " حتى أتى جدولا من الأرض فتوسد ذراعه وسفت (1) عليه الريح، فطلبه النبي صلى الله عليه وآله حتى وجده فوكزه برجله فقال له:
قم، فما صلحت إلا أن تكون أبا تراب، أغضبت علي حين واخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أواخ بينك وبين أحد منهم؟ أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي، ألا من أحبك حف بالأمن والايمان; ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية، وحوسب بعمله في الإسلام (2).
8 - وأخبرني الإمام الحافظ زين الدين شهردار بن شيرويه الديلمي فيما كتب إلي من همدان. أخبرني أبو علي الحسن بن أحمد الحداد. أخبرني الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني. قال أخبرت عن الحسين بن الحكم الحبري. حدثني حسن بن الحسين العرني، حدثني عيسى بن عبد الله
Shafi 39
بن عمر بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: ما سماني الحسن والحسين يا أبة حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله. كانا يقولان لرسول الله صلى الله عليه وآله يا أبة، وكان الحسن يقول لي يا أبا الحسين وكان الحسين يقول لي يا أبا الحسن (1).
قال العباس بن عبد المطلب يمدح عليا " عليه السلام حين بويع لأبي بكر:
ما كنت أحسب أن الامر منحرف * عن هاشم ثم عنها عن أبي حسن أليس أول من صلى لقبلتكم * وأعلم الناس بالآثار والسنن وأقرب الناس عهدا " بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن من فيه ما في جميع الناس كلهم * وليس في الناس ما فيه من الحسن ماذا الذي ردكم عنه فعرفه * ها أن بيعتكم من أول الفتن (2) الألقاب: أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، والمسلمين، ومبير الشرك، والمشركين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومولى المؤمنين، وشبيه هارون، والمرتضى، ونفس الرسول، وأخوه، وزوج البتول، وسيف الله المسلول، وأبو السبطين، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم الجنة والنار، وصاحب اللواء، وسيد العرب والعجم، وخاصف النعل، وكاشف الكرب، والصديق الأكبر، وأبو الريحانتين، وذو القرنين، والهادي، والفاروق، والواعي، والشاهد، وباب المدينة، وبيضة البلد، والولي، والوصي، وقاضي دين الرسول، ومنجز وعده.
قال " رض " وانا أقول في ألقابه:
هو أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وغرة المهاجرين، وصفوة الهاشميين،
Shafi 40
وقاتل الكافرين والناكثين والقاسطين والمارقين، والكرار غير الفرار، فصال فقار كل ختار بذي الفقار، صنو جعفر الطيار، قسيم الجنة والنار، مقعص (1) الجيش الجرار، لاطم وجوه اللجين والنضار (2) بيد الاحتقار، وأبو تراب، مجدل (3) الأتراب معفرين (4) بالتراب، رجل الكتيبة والكتاب والمحراب [والحراب] والطعان والضراب، والحبر الحساب بلا حساب، مطعم السغاب بحفان كالجواب، راد المعضلات بالجواب الصواب، مضيف النسور والذئاب بالبتار الماضي الذباب، هازم الأحزاب، وقاسم الأسلاب، وقاصم الأصلاب، جزاز الرقاب، باين القراب، مفتوح الباب إلى المحراب عند سد أبواب سائر الأصحاب، جديد الرغبات في الطاعات، بالي الجلباب، رث الثياب رواض الصعاب، معسول الخطاب، عديم الحجاب والحجاب، ثابت اللب في مدحض الألباب، شقيق الخير، رفيق الطير، صاحب القرابة والقربة، وكاسر أصنام الكعبة، مناوش الحتوف، قتال الألوف، المخرق الصفوف، ضرغام يوم الجمل، المردود له الشمس عند الطفل (5) تراك السلب، ضراب القلل، حليف البيض والأسل (6) شجاع السهل والجبل، زوج فاطمة الزهراء سيدة النساء، مذل الأعداء، معز الأولياء، اخطب الخطباء، قدوة أهل الكساء، إمام الأئمة الأتقياء، الشهيد أبو الشهداء، وأشهر أهل البطحاء، مضمخ (7) مردة الحروب بالدماء، الخارج عن بيت المال صفر اليدين عن الصفراء والحمراء والبيضاء، مثكل الكفرة، ومفلق هامات
Shafi 41
الفجرة، ومقوي أعضاد البررة، وثمرة بيعة الشجرة، وفاقئ عيون السحرة، وداحي ارض الدماء، ومطلع شهب الأسنة في سماء القترة، المسمى نفسه يوم الغبرة بحيدرة، خواض الغمرات، حمال الألوية والرايات، مميت البدعة، ومحيي السنة، وكاتب جواز أهل الجنة، ومصرف الأعنة، واللاعب بالأسنة، ساد انفاق النفاق، شاق جماجم ذوي الشقاق، سيد العرب، وموضع العجب، المخصوص بأشرف النسب، الهاشمي الأم والأب، المفترع أبكار الخطب، نفس رسول الله صلى الله عليه وآله يوم المباهلة، وساعده المساعد يوم المصاولة، وخطيبه المصقع (1) يوم المقاولة، وخليفته في مهاده، وموضع سره في اصداره وايراده، وملين عرائك أضداده، وأبو أولاده، وواسطة قلادة الفتوة، ونقطة دائرة المروة، وملتقى شرفي الأبوة والبنوة، ووارث علم النبوة، وسيف الله المسلول، وجواد الخلق المأمول، ليث الغابة، وأقضى الصحابة، والحصن الحصين، والخليفة الأمين، أعلم من فوق رقعة الغبراء وتحت أديم السماء، المستأنس بالمناجاة في ظلمة الليلة الليلاء:
هذى المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فعادا بعد أبوالا راقع مدرعته والدنيا بأسرها قائمة بين يديه حتى استحيى من راقعها [منزه] نفسه النفيسة عن الدنيا الدنية ومصارعها، ومنبطها بلجام تقواه عن مطامعها وفاطمها بتهجدها عن وثير (2) مضاجعها، أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وابن عمه، وكاشف كربه وغمه، ومساهمه في طمه ورمه (3) وبغضه بغض البتول، وولده ولد الرسول، هو من رسول الله صلى الله عليه وآله، دمه دمه، ولحمه لحمه، وعظمه عظمه، وعلمه علمه، وسلمه سلمه وحربه حربه وفرعه فرعه ونبعه نبعه ونجره نجره وفخره فخره وجده جده، وأنهار
Shafi 42
الفضائل في الدنيا من بحور فضائله، ورياض التوحيد والعدل من بساتين خطبه ورسائله، كبش أهل العراق والشام والحجاز، وشجا حلوق الأبطال عند البراز، وابن عم المصطفى، وشقيق النبي المجتبى، ليث الشرى (1) وغيث الورى، حتف العدى، مفتاح الندى، قطب رحى الهدى، مصباح الدجى، جوهر النهى، بحر المنى (2) سعار الوغى، قطاع الطلا (3) شمس الضحى، أبو القرى (4) في أم القرى، المبشر بأعظم البشرى، مطلق الدنيا مؤثر الآخرة على الأولى، رب الحجى، بعيد المدى، ممتطى صهوة العلى، مسند الفتوى، مثوى التقى، نديد هارون من موسى، مولى كل من [كان] له رسول الله مولى، كثير الجدوى، شديد القوى، سالك الطريقة المثلى، المعتصم بالعروة الوثقى، الفتى الذي أتى فيه " هل أتى "، أكرم من ارتدى، وأشرف من احتذى، وأعلم من أهتدي، أحبى من احتبى (5) أفضل من راح واغتدى ، أشجع من ركب ومشى، أهدى من صام وصلى، مكافح من عصى وشق في دين الله العصا، ومراقب حق الله ان امر أو نهى، الذي ما صبا في الصبا، وسيفه عن قرنه ما نبا، ونور هديه ما خبا، ومهر شجاعته ما كبا، دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى التوحيد فلبى، وجلا ظلم الشرك وجلى، وسلك المحجة البيضا، وأقام الحجة الزهرا، قد جنيت ثمار النصر من علمه، والتقطت جواهر العلم من قلمه، ونشأت ضراغم المعارك في أجمه، دياس (6) كيوان اقدام هممه، ومدحه جبريل من قرنه إلى قدمه، ومحرم أهل الحرمين بحرمه، واخضرت ربى الآمال من ديم كرمه.
Shafi 43
نعم، هو أبو الحسن، القليل الوسن، الذي لم يسجد للوثن، هو عصرة المنجود (1)، هو من الذين أحيوا أموات الآمال بحياء الجود (2) هو من الذين:
" سيما هم في وجوههم من أثر السجود " (3) هو محارب الكفرة والفجرة بالتنزيل والتأويل، هو الذي ذكره في التوراة والإنجيل، هو الذي كان للمؤمنين وليا " حفيا " وللرسول في نسائه وصيا، وآمن به صبيا، هو الذي كان لجنود الحق سندا " ولأنصار الدين يدا " وعضدا " ومددا " ولضعفاء المسلمين مجيرا "، ولأقوياء الكافرين مبيرا " ولكؤوس العطاء على الفقراء مديرا "، الذي نزل فيه وفي أهل بيته: " الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
" ويطعمون الطعام على حبه مسكينا " ويتيما وأسيرا " (4) هو علي العلي، الوصي الولي، الهاشمي المكي المدني، الأبطحي الطالبي الرضي المرضي المنافي العصامي (5)، الأجودي، القوي الجري اللوذعي (6)، الأريحي (7) المولوي الصفي الوفي الذي بصره الله بحقايق اليقين، ورتق به فتوق الدين، الذي صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وصدق، وبخاتمه في ركوعه تصدق الذي اعتصب بالسماحة وبالحماسة تطوق، ودقق في علومه وحقق، وذكرنا بقتل الوليد بدرا وبقتل عمرو الخندق، ومزق من أبناء الحروب ما مزق، وغرق في لجة سيفه من أسود المعارك من غرق، وحرق بشهاب صارمه من شياطين الهياج من حرق، حتى استوثق الإسلام واتسق، هو أطول بني هاشم باعا، وأمضاهم زماعا، وأرحبهم ذراعا، وأغزرهم سماعا " وأكثرهم أشياعا، وأخلصهم اتباعا،
Shafi 44
وأشهرهم قراعا، واحدهم سنانا "، وأعربهم لسانا "، وأقواهم جنانا "، إن اعترض قرنه قطه، وان اعتلاه قده، وان أتى على حصن هده هو حيدر وما أدراك ما حيدر [ثم ما أدراك ما حيدر] هو الكوكب الأزهر، هو الضرغام المصدر [هو الباهر المنظر] هو الطاهر المخبر (1) هو الصمصام المذكر (2) هو صاحب براءة وغدير خم وراية خيبر، وكمي أحد وحنين والخندق وبدر الأكبر، هو ساقي وراد الكوثر يوم المحشر، هو أبو السبطين، وقايد أفاعي العراقين، ومصلى القبلتين، الضارب بالسيفين، الطاعن بالرمحين، اسمح كل ذي كفين، وأفصح كل ذي شفتين، وأهدى كل من تأمل النجدين، هو صارع كل مارد للجران واليدين، هو راسخ القدمين بين العسكرين، انسب من في الأخشبين (3)، واعلم من في الحرمين.
الصفات عن أبي إسحاق قال: لقد رأيت عليا " عليه السلام أبيض الرأس واللحية ضخم البطن ربعة من الرجال عليه السلام (4).
وذكر ابن مندة: إنه كان شديد الأدمة، ثقيل العينين عظيمهما، ذا بطن، أصلع [ووجه يسطع] وهو إلى القصر أقرب، أبيض الرأس واللحية (5).
وزاد محمد بن حبيب البغدادي صاحب المحبر الكبير في صفاته: آدم اللون، حسن الوجه، ضخم الكراديس (6) والباقي سواء (7).
Shafi 45
الفصل الثاني في بيان نسبه من قبل أبيه وأمه هو أبو الحسن علي بن أبي طالب [واسم أبي طالب] عبد مناف بن عبد المطلب بن أبي نضلة هاشم. واسم عبد المطلب شيبة الحمد، وكنيته أبو الحارث. وقد ذكرنا نسب عبد المطلب في باب فضائل النبي صلى الله عليه وآله.
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وأسلمت وتوفيت قبل الهجرة، وقيل بعد ما هاجرت (1).
9 - وأنبأني الإمام الحافظ، قدوة أصحاب الحديث، سيد القراء، أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد (2) بن محمد العطار الهمذاني أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين بن محمد القاضي ويحيى بن الحسن بن أحمد بن عبد الله البغدادي. قالا: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد المعدل، أخبرنا محمد بن عبد الرحمان بن العباس الذهبي، أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي، حدثنا الزبير بن بكار قال: ولد أبو طالب بن عبد المطلب طالبا " لا عقب له وعقيلا " وجعفرا " وعليا "، كل واحد منهم أسن من صاحبه بعشر سنين على الولاء.
وأم هاني اسمها " فاختة " وأم كلهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي وقد أسلمت وهاجرت إلى الله ورسوله
Shafi 46
صلى الله عليه وآله وماتت بالمدينة وشهدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب صلى الله عليه (1).
10 - وأخبرنا الشيخ القاضي، الإمام الزاهد، زين الأئمة، أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنا القاضي الإمام، شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب، حدثنا أحمد بن حماد بن رغبة المصري، حدثنا روح بن صلاح، حدثنا الثوري، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب عليه السلام دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله فجلس عند رأسها فقال: رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسوني وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني تريدين بذلك وجه الله تعالى والدار الآخرة، ثم أمر أن تغسل ثلاثا " فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلى الله عليه وآله بيده الشريفة، ثم خلع قميصه فألبسها إياه وكفنت فوقه (2) ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما " أسود فحفروا قبرها، فلما بلغوا قبرها (3)، حفره رسول الله صلى الله عليه وآله بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وآله فاضطجع فيه ثم قال [يا] الله الذي يحيى ويميت وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك محمد والأنبياء
Shafi 47
الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين، وكبر عليها أربعا " (1) وأدخلها اللحد هو والعباس وأبو بكر (2). قال " رض ": ومن مقالتي فيه صلى الله [عليه]:
نسب المطهر بين أنساب الورى * كالشمس بين كواكب الأنساب والشمس إن طلعت فما من كوكب * إلا تغيب في نقاب حجاب (3) قال " رض ": ووجدت ثلاثة أبيات لنصراني بخط الزجاج في مدح أمير المؤمنين عليه السلام وهي:
علي أمير المؤمنين صريمة * وما لسواه في الخلافة مطمع له النسب الأعلى واسلامه الذي * تقدم فيه والفضائل أجمع ولو كنت أهوى ملة غير ملتي * لما كنت إلا مسلما أتشيع
Shafi 48
الفصل الثالث في بيان ما جاء في بيعته 11 - أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصفهاني، أخبرنا أبو محمد بن حيان، حدثنا عبدان بن أحمد، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع، عن محمد بن عبد الرحمان بن أبي ذيب، عن ابن شهاب الزهري، قال: قلت لسعيد بن المسيب (1): هل أنت مخبري كيف كان قتل عثمان; فذكر الحديث بطوله قال: وخرج علي عليه السلام فأتى منزله وجاء الناس كلهم يهرعون إلى علي وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقولون: أمير المؤمنين علي، حتى دخلوا عليه داره فقالوا له: نبايعك فمد يدك، فلا بد من أمير فقال علي: ليس ذلك إليكم إنما ذلك لأهل بدر، فمن رضى به أهل بدر فهو خليفة، فلم يبق من أهل بدر إلا أتى عليا " فقالوا: ما نرى أحدا " أحق بها منك، مد يدك نبايعك، فقال: أين طلحة والزبير؟ فكان أول من بايعه طلحة، فبايعه بيده وكانت إصبع طلحة شلاء فتطير منها علي وقال: ما أخلقه أن ينكث (2) ثم بايعه الزبير وسعد وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله جميعا " (3)
Shafi 49
12 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التميمي، حدثني وضاح بن يحيى النهشلي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن زيد النخعي قال: لما بويع علي بن أبي طالب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، قال خزيمة بن ثابت الأنصاري وهو واقف بين يدي المنبر:
إذا نحن بايعنا عليا " فحسبنا * أبو حسن مما نخاف من الفتن وجدناه أولى الناس بالناس انه * أطب قريش (1) بالكتاب وبالسنن وإن قريشا " ما تشق غباره * إذا ما جرى يوما على الضمر البدن (2) وفيه الذي فيهم من الخير كله * وما فيهم كل الذي فيه من حسن (3)
Shafi 50