وقد استدلت خديجة ﵂ على صدقه ﷺ بدعائه إلى الدين والعبادة من الصلاة والصدقة والعفاف وكذلك أبو بكر ولم يحتاجا في أمره إلى دليل خارج عن حاله وخلقه وفي الصحيح أن هرقل حين جاءه كتاب النبي ﷺ يدعوه إلى الِإسلام أحضر من وجده ببلدة من قريش وفيهم أبو سفيان ليسألهم عن حاله فكان فيما سأل أن قال: بم يأمركم فقال أبو سفيان: بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف إلى آخر ما سأل فأجابه، فقال إن يكن ما تقول حقًا فهو نبي وسيملك ما تحت قدمي هاتين. والعفاف الذي أشار إليه أبو سفيان هو العصمة، فانظر كيف أخذ هرقل من العصمة والدعاء إلى الدين والعبادة دليلًا على صحة نبوءته ولم يحتج إلى معجزة فدل على أن ذلك من علامات النبوءة.
وإذا تقرر هذا فاعلم أن أعظم المعجزات وأشرفها وأوضحها دلالة القرآن الكريم المنزل على سيدنا محمد ﷺ. وقد قال ﷺ: ما من نبي من الأنبياء إلا وأتي من الآيات ما مثله أمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحي إليَّ فأنا أرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة يشير إلى أن المعجزة متى كانت بهذه المثابة في الوضوح وقوة الدلالة وهو كونها نفس الوحي كان الصدق لها أكثر لوضوحها فكثر المصدق المؤمن وهو التابع والأمة.
فكما اعتنى العلماء بالقرآن بعدما وجدوه بحرًا لا تنقضي عجائبه. وطودًا شامخًا لا تتناول غرائبه. ووجدوا له فروعًا لا تحصى فنونه ولا تستقى، كذلك لم يألُ جهدًا في توجيه جهودهم بالبحث والتمحيص في معرفة السيرة النبوية المطهرة من القرآن وكتب السنة حتى جمعوا صورة مبينة رفيعة تهدي الأمة إلى كيفية التأسي به ﷺ في كل شأن وكل جانب من جوانب الحياة الدينية والدنيوية.
فينبغي لكل فرد من الأمة أن يعرف حال نبيه ولا يحصل ذلك إلا بمعرفة مناقبه وشمائله وفضائله وسيرته في أحواله وأقواله.
ثم إنه لا بد من معرفة اسمه وكنيته ونسبه وعصره وبلده ثم معرفة أصحابه.
1 / 7