Manahil al-Irfan fi Ulum al-Quran
مناهل العرفان في علوم القرآن
Mai Buga Littafi
مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه
Lambar Fassara
الطبعة الثالثة
Nau'ikan
لأجل التفهيم والتفهم ولا ينسب الكلام بحال إلا إلى من رتبه في نفسه أولا دون من اقتصر على حكايته وقراءته ولذلك لا يجوز إضافة القرآن على سبيل الإنشاء إلى جبريل أو محمد ولا لغير جبريل ومحمد كما لا يجوز نسبة كلام أنشأه شخص ورتبه في نفسه أولا إلى شخص آخر حكاه وقرأه حين اطلع عليه أو سمعه.
وقد أسف بعض الناس فزعم أن جبريل كان ينزل على النبي ﷺ بمعاني القرآن والرسول يعبر عنها بلغة العرب. وزعم آخرون أن اللفظ لجبريل وأن الله كان يوحي إليه المعنى فقط وكلاهما قول باطل أثيم مصادم لصريح الكتاب والسنة والإجماع ولا يساوي قيمة المداد الذي يكتب به. وعقيدتي أنه مدسوس على المسلمين في كتبهم. وإلا فكيف يكون القرآن حينئذ معجزا واللفظ لمحمد أو لجبريل؟ ثم كيف تصح نسبته إلى الله واللفظ ليس لله؟ مع أن الله يقول: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ إلى غير ذلك مما يطول بنا تفصيله.
والحق أنه ليس لجبريل في هذا القرآن سوى حكايته للرسول وإيحائه إليه وليس للرسول النبي ﷺ في هذا القرآن سوى وعيه وحفظه ثم حكايته وتبليغه ثم بيانه وتفسيره ثم تطبيقه وتنفيذه. نقرأ في القرآن نفسه أنه ليس من إنشاء جبريل ولا محمد نحو ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ . ونحو: ﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي﴾ . ونحو: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ . ونحو: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ .
1 / 49