Manahij al-Tarbiyah Ususuha wa Tatbiqatuha
مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها
Mai Buga Littafi
دار الفكر العربي
Lambar Fassara
١٤٢١هـ
Shekarar Bugawa
٢٠٠١م
Nau'ikan
يستخدم عقله وقلبه وسمعه وبصره وعلمه في تدبر آيات الله ومنهجه المنزل في كتابه وفي سنة رسوله ﷺ، وفي كتاب الكون المفتوح، وحين يصل من كل ذلك إلى معنى العبودية الحقة لله، فإنه يكون قد تحول من عبودية الفطرة غير الإرادية لله إلى العبودية المقصودة، القائمة على العلم، وحرية الإرادة والاختيار التي خص الله بها الإنسان دون غيره من المخلوقات.
﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩] .
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: ٥٣] .
﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨] .
المرتبة الثالثة: وهي تلك التي يستخدم فيها الإنسان قواه المدركة الواعية وعلمه وحريته في الاختيار، وكل قواه ومواهبه في عبادة غير الله! فالإنسان في هذه الدرجة لا يفقد فقط شرف التفوق على سائر المخلوقات، بل ويصبح أحط مكانة وأسوأ شأنا من الحيوانات:
﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩] .
﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: ١٢٣-١٢٦] .
نعم، هؤلاء أحط من الدرجة الحيوانية؛ لأن الحيوان لم يكن ضالا، في حين أن هؤلاء ضلوا وغووا، ولم يكن الحيوان منكرا جاحدا، بينما هؤلاء أنكروا وجحدوا، ولم يكن الحيوان كافرا ومشركا في حين أن هؤلاء كفروا وأشركوا.
ومن هذا نصل إلى أن الدرجة الثانية هي أسمى وأعمق درجات العبودية لله؛ لأنها عبودية قائمة على العلم والمعرفة بالله وعلى الاختيار الحر والإرادة الواعية، إن حرية الاختيار والتصرف، والإرادة الطليقة هما أسمى ما منحه الله للإنسان، وحين
1 / 52