وإن كان غيره فلم يحصل الإذن المطلوب المعهود، مع أنه لو سلمنا ذلك لثبت ذلك لزرارة وعبد الملك وأضرابهما من الحاضرين، ومن أين يثبت العموم، وقولهم (عليهم السلام) " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " (1) قد عرفت حاله.
فإن قلت: مرادنا من ذلك ليس الإذن المعهود، بل المراد أن الشارع جوزها واستحبها لمن لم يكن له الإذن المعهود المعلوم، كالراويين وأضرابهما.
قلت: هذا بعينه الاستدلال بالروايتين وأضرابهما، فدع عنك حكاية حصول الإذن وثبوته بذلك، إذ المعلوم المتعارف في المتنازع هو الإذن المعهود، وليس هذا من ذاك، بل هو الحكم باستحباب شئ من دون اشتراط شئ آخر، مع أن حكاية التعدي إلى غير مثل زرارة وعبد الملك بعد غير محقق، وسيجئ الكلام في الروايتين ونحوهما.
فإن قلت: حثهم على ذلك يستلزم كونهم مأذونا بالإذن الخاص من باب مقدمة الواجب، إذ لا يجوز الفعل إلا بذلك، فيدخل في المتنازع، وليس كما ذكرت.
قلت: إن كان للخصوصية في الإذن مدخل فيختص بهما، وأضرابهما من الحاضرين، وإلا فيرجع إلى ما ذكرنا من كون ذلك استحباب شئ بدون شرط، مع أنه لا فائدة في هذا التكلف حينئذ.
وبالجملة: حاصل الكلام في هذا البحث - بعد ما ذكرنا من التكلفات - رجع إلى ادعاء عدم اشتراط الإذن المعهود المتعارف في زمان الغيبة، وعدم التمكن من الحضور، وجواز ذلك بمثل تلك الأخبار، وتفرقته مع ما سبق بأن البحث السابق كان مبتنيا على ثبوت الجواز من نفس أدلة الوجوب، وهذا مبتنى على غيرها من الأخبار، منها الروايتين المتقدمتين، وسيجئ تمام الكلام في أدلة المخيرين.
الثاني: أن الإذن إنما يعتبر مع إمكانه، أما مع عدمه فيسقط اعتباره، ويبقى عموم القرآن، والأخبار خاليا عن المعارض، قاله الشهيد في الذكرى (2).
ويظهر الجواب عن ذلك بالتأمل والتدبر فيما ذكرنا سابقا، فلا نعيد.
Shafi 38