قلت: لو كنت ترضى بذلك فلم تقيد سائر الحلالات بالشروط؟ فلم لا تجاهد في سبيل الله الآن، وتجعله مشروطا بوجود الإمام؟ أما كان الجهاد من حلال محمد؟ بل هو أشد الواجبات، فانظر إلى التهديدات في تركه (1)، وكذلك الكلام في كثير من الأحكام. فلا بد أن يكون المراد من مثل ذلك أن النسخ لا يتطرق بشريعته المقدسة وإن كان لا يجوز ارتكاب ما حلله في زمان أو مكان، بسبب انتفاء شرط، أو وجود مانع، أو انتهاء مدة مبينة، أو نحو ذلك.
فإن قلت: يدل على ذلك قوله (عليه السلام): " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " (2).
قلت: هذا فيما يصح تعلق الحكم، وهو إنما يصح في الحاضرين، ومع التسليم فمخصص بما سيجئ من الأدلة على الاشتراط، على أن " الجماعة " لا عموم فيه يشمل المعدومين، والفاقدين لما يظن اشتراطه فيه، أو يشك فيه أيضا، فضلا عما ظهر من الأدلة اشتراطه.
الثاني: أنه لا عموم في الآية (3) يشمل ما نحن فيه، فإن " إذا " لا يفيد العموم لغة، وإرجاعه إلى العموم، لعدم إلغاء كلام الحكيم، ويحصل بإرجاعه إلى الفرد المتعارف المعهود، وكون ما نحن فيه منه محل تأمل.
وأما ادعاء أن هذا ينافي المطلوب باعتبار أن المفهوم يفيد عدم الوجوب لو لم يناد ولا يقول به الموجبون عينا، فمنظور فيه.
أما أولا: فلأن الظاهر أن المراد به دخول وقت الظهر، أو أوان انعقاد الجمعة، وهو كناية عنه، ومفهوم الشرط حينئذ لا ينافي قولهم.
وأما ثانيا: فلأن الشرط وارد مورد الغالب، فلا عبرة بالمفهوم حينئذ، كما هو المحقق.
Shafi 23