فالشريعة الإسلامية كافلة بجميع مصالح البشر سابقا ولاحقا، دينا ودنيا، ولله ما نقله المصلح الجليل الشيخ عبد القادر عودة في كتابه (الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه) حيث قال في المناظرة بين الشريعة والقانون الوضعي ما لفظه:
إن الشريعة من عند الله، أما القانون فمن وضع البشر، وكلا الشريعة والقانون يتمثل فيهما صفات صانعه، فالقانون من صنع البشر، ويتمثل فيه نقص البشر، وعجزهم، وضعفهم، وقلة حيلتهم، ومتى كان القانون عرضة للتغيير -أو ما نسميه التطور- كلما تطورت الجماعات إلى درجة لم تكن متوقعة أوجدت حالات لم تكن منتظرة، فالقانون ناقص دائما ولا يمكن أن يبلغ حد الكمال، ما دام صانعه لا يمكن أن يوصف بالكمال ولا يستطيع أن يحيط بما سيكون، وإن استطاع الإلمام بما كان.
أما الشريعة فصانعها هو الله جل جلاله، وتتمثل فيها قدرة الخالق وكماله وعظمته وإحاطته بما كان وبما هو كائن، ومن ثمة صاغها العليم الخبير بحيث تحيط بكل شيء في الحال والاستقبال...إلخ ما قال.
قلت: والزيدية ومن معهم في اليمن لا يحتاجون إلى دعاية لتفضيل حكم الشريعة على حكم القانون الوضعي؛ لأن الشريعة هي دينهم ومبدؤهم وعليها دولتهم وحكمهم منذ أن جاء الإسلام وحتى اليوم، وكلما بدت مجانبة أو مخالفة للشريعة فإن الجميع -وبالأخص العلماء- يقومون ضدها حتى تصحيح الوضع، وحتى تسيطر الشريعة، وهذا ما يسمى (بالمعارضة)، وللتاريخ شواهد وعبر كثيرة وسجل الحكم اليمني حافل بذلك.
وما زالت -والحمد لله- الشريعة الإسلامية هي المعتمدة، وهي الحاكمة حتى اليوم في جميع اليمن، وكل من أراد تغيير شيء منها خذل؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بخذلانه وأمر بنهيه؛ ولأن الرسول أوجب ما أوجبه القرآن من وجوب طاعة أولي الأمر مع طاعتهم لله ولرسوله، أما مع غير طاعة الله ورسوله فلا طاعة لأولي الأمر ولا غيرهم؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما نصت عليه الأدلة الشرعية.
Shafi 38