أما النظرية الثانية فهي في ما يقرره الزيدية وأئمتهم آل رسول الله من وجوب نصب إمام للدولة من أشرف قريش نسبا، وأعلاهم قدرا، جامعا للشروط المقررة حسب الأدلة والأحاديث الواردة بذلك، ومن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوب الخروج على الظلمة وأرباب الفسوق من الولاة.
ولعل في رأي بعض علماء المذاهب الأخرى عدم وجوب الخروج على السلطان ولو كان ظالما، والتزام الصبر عليه وإن كان طاغيا، معتمدين أن إساءته إنما تخص نفسه، ورووا لذلك أدلة مطعونة لم تصح بمتنها ولا سندها ولا رواتها عن الزيدية.
إذا فمع النظريتين هاتين لا يمكن أن يستقر بال السلطان الظالم ولا أن يرتاح له بال؛ لأنه لا يقدر أن ينفذ طلباته الاستعبادية ولا يحصل على ملذاته النفسية بدون معرفة حكمها من حلال أو حرام، ما دامت الزيدية وعلماء الزيدية ورجال الزيدية يوجبون نهيه عن ذلك والخروج عليه إذا لم يتب عنها.
أما بعض الفرق فإنه ربما كان لعلمائهم فتوى أن عمل السلطان الظالم إنما هو تسليط من الله، وأنه يجب عليهم الصبر والرجوع إلى الله بالدعاء فقط لإزالته بأمر سماوي، وأن الخروج عليه محرم إذا كان ذلك سيؤدي إلى سفك الدماء.
والذي يراه المنصف من العلماء المحققين هو أن رأي علماء بعض المذاهب في وجوب الصبر والرجوع إلى الله صواب، ولكن الرجوع إلى الله لا يمكن إلا بالرجوع إلى أوامره وأوامر رسوله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على قدر قوة المؤمنين .. باليد، أو باللسان، أو بالقلب، وأدلة ذلك ظاهرة شاهرة وليس هذا محل إيرادها.
هذا كله من الأسباب التي جعلت المذهب الزيدي معتمدا على الشريعة المطهرة بقوة إيمان في البلاد التي تحكمها الزيدية وغيرها.
إذا عرفت هذا وعرفت أن الزيدية هم أوفى المسلمين في المحافظة على التمسك بالنصوص القرآنية، والسنة النبوية وهم حريصون على العمل بالمبادئ الإسلامية، والتقاليد الدينية، والشريعة النبوية.
Shafi 12