فقالت: «ولكن هذه لا يتيسر لك أن تتحدث معها وتشاهدها فإنها تتحجب عن الغرباء.»
قال: «هذا حق، ولكن قضت عليها الظروف أن تظهر أمامي، والضرورات تبيح المحظورات.»
فقالت: «أين ذلك القصر؟»
فأشار إليه، وحدد مكانه.
فقالت: «يظهر أنك على صواب فيما تقول، فإن الفتاة هي هي بعينها، ولكنك قلت إن فارسا خرج من ذلك البيت وعاد إليه وليس في ذلك البيت رجال.»
فقال: «لا أعلم، وحين سألتها عن ذلك الفارس قالت: سأخبرك عنه في فرصة أخرى، ولم أفهم المقصود من ذلك، وأخشى أن تكون هي ذلك الفارس.»
قالت: «وأنا لم أفهم قصدها، وإنما يقرب من الواقع أنها هي التي نادتك وحذرتك أولا، ثم خرجت بنفسها ملثمة لمساعدتك، فإني أعلم أنها تحسن ركوب الخيل، وشهامتها كشهامة الرجال.»
فسر غريب لذلك لأنه استراح مما كان يتردد في نفسه، وانحلت المشكلة بأيسر سبيل.
عند ذلك استدعت سلمى زوجها، وجلس الثلاثة يتفاوضون في الأمر، فاستقر رأيهم أن يخطبوا الفتاة من أبيها حالما يعود من ذلك السفر. •••
أما غريب فلم يعد يستطيع صبرا على بعدها، وصار يحس أنه مشتاق إلى رؤيتها، فإن تلك النظرة كانت كافية لارتباط القلبين، ولكنه كان يمسك نفسه محافظة على كرامة الفتاة، فلما عاد أبوها من ذلك السفر وعاد الأمير بشير أيضا، تحدث أمين بك مع الأمير في شأن خطبة الفتاة من أبيها، وسأله رأيه، فتوقف الأمير بشير عن الجواب فارتاب أمين بك في ذلك، وطلب منه أن يجيبه صريحا، فقال: «إن الفتاة تربت أحسن تربية ، وهي كاملة الأوصاف غير أني لا أتدخل في أمر خطبتها، فإذا شئتم فاخطبوها أنتم من أبيها، أما أنا فلا أكلمه.»
Shafi da ba'a sani ba