قالت: سيان بوحي وكتماني، فلست طالبة منك غير النعمة التي وعدت بها.
قال: تطلبين مفارقة ابنتك والانفصال عنها قبل وفاتك ولا تبينين الأسباب؟
قالت: بحقك يا أخي لا تزد أحزاني وأشجاني، وأن تعفيني من ذكر أمور تقطع كبدي، وهي أمر من الموت عندي، فمصائب هذا العالم كثيرة وبلاياه وفيرة، وقد لا يجوز للإنسان أن يصرح ببعضها فتوارى بموته، والأسباب التي تريد الاطلاع عليها من ضمن المصائب التي لا يجوز البوح بها، ويلزم أن تموت بموت صاحبها.
قال: تتكلمين بالأحاجي والمعميات والألغاز كأن لي وقتا أضيعه في التفكير في حل الرموز، أخبريني باختصار عن الأسباب الداعية لافتراقك عن ابنتك. ثم قال لها وقد ضاق صدره: إن لم يخطئ حذري فإن خليلا زوجك يسيء معاملتك ومعاملتها، ويتصرف تصرف الأنذال الأخساء، فترغبين خلاص ابنتك من جوره، تلك أمور معتادة تحدث غالبا عندما تتزوج أرملة ولها أولاد من زوجها الأول.
قالت: لم يكن هذا هو السبب.
قال: لا سبب غيره، وإن أخفيته عني، فإني لا أستغرب صدور الأمور الشائنة من زوجك الذي أعلم له من الأخلاق وسوء الطباع ما أعلم.
فكانت كريمة كلما لفظ أخوها اسم خليل - زوجها - تضطرب وتنقبض، فقالت: بحقك يا أخي أن تدع ذكره.
قال غانم: أعلم أنك واسعة الخلق صبورة، فيجب عليك أن تحملي المصيبة بشكر وتصبري على بلواك، وتكتمي الأمر عن كل واحد، ولتعلمي أني لا أنظر فيما لا يعنيني، ولا أدخل في عداوة زوجك وأكدار أغناني الله عنها.
قالت: أنسيت وعدك الآن لي؟
قال: كان وعدي مشروطا.
Shafi da ba'a sani ba