والآن؛ لنعد إلى السير روبرت فالدن، فقد كان شديد التمسك بالشرف، كثير الحرص على مقام الأشراف. وقد رأينا منه كيف أبى أن يزوج ربيبته بليونيل وهو يحبها كبنته كي لا يؤنبه ضميره على تزويج نورية بشريف، وإنما أراد تزويجها بالمركيز لاعتقاده أن المركيز ليس ابن اللورد الشرعي؛ فإنه كان أصيب مرة بجرح في كتفه إثر مبارزة كان السير روبرت أحد مشاهديه فيها، فلما كشف الطبيب عن كتفه رأى روبرت هذا الوشم على كتفه، وهو يعلم أنه خاص بالنور؛ فتولدت في نفسه الشكوك من ذلك العهد.
وقد كثرت هواجسه واشتد قلقه، وأراد أن يعرف حقيقة هذا السر الذي كاد يقتله، فقال في نفسه: لم يبق بد من أن أذهب إلى روجر وأستوضح منه جلية الأمر، فإذا برهن لي أنه ابن اللورد إسبرتهون الشرعي أعتذر إليه، وإذا لم يستطع البرهان لجأت إلى مروءته فإنه كريم الأخلاق عزيز النفس لا يرضى أن يلقب بلقب سواه.
وكان قد وعد ربيبته أن يأتيها بالخبر اليقين بعد ثلاثة أيام، فبرح منزله في اليوم الثالث وذهب إلى المركيز فلقي عنده الطبيب بولتون يعالج كتفه، فابتسم المركيز له وعاتبه لانقطاع زياراته، فتمتم بعض كلمات اعتذار وقال الطبيب: أنا أعرف السبب الذي دعا السير روبرت إلى الانقطاع عنك منذ عهد مبارزتك مع القائد مكسويل.
فقال له المركيز: إذا كنت تعرف السبب كما تقول فأسرع بإخباري عنه؛ فإني لا أزال مندهشا من مناهج السير روبرت.
قال: تصور أيها المركيز أن السير روبرت فالدن - وهو صديقي منذ ثلاثين عاما - أراد يوما أن يقتلني عند سريرك.
فصاح المركيز قائلا: ولكن هذا محال.
قال: سله يخبرك أني قلت الحقيقة.
فهز السير روبرت رأسه إشارة إلى الموافقة. وقال الطبيب: هل تعلم لماذا كان يريد قتلي؟ ذلك لأني أبيت أن أبوح بسر أبيك المرحوم.
فقال المركيز: هذا الذي أسمعه؛ فإني أحسب نفسي حالما. أحق ما يقوله يا سير روبرت؟ - نعم إنه يقول الحق. - أأنت أردت قتله؟
فقال الطبيب: نعم؛ وذلك لأني أبيت أن أكشف له سبب وجود الوشم على كتفك.
Shafi da ba'a sani ba