فسقطت على ركبتيها واهية القوى وأخذت بالبكاء، فقال لها جان: ما هذا البكاء؟ فإن ولدك سيغدو سيدا عظيما من كبار النبلاء، وسيكون لوردا عظيما يحضر جلسات مجلس الأعيان ويجالس الملك. - ولكنه عندي شبه ميت؛ إذ لا أراه. - كلا. فإننا سنلزمه لزوم ظله ونحميه من كل طارئ ونعتز به، فنخلع عن رقابنا نير الذل والهوان ونشاركه في مجده.
ولكنها لم تنتبه لشيء من أقواله، واسترسلت إلى البكاء وهي تقول: أريد ولدي ... ردوا إلي ولدي.
فنظر إليها جان تلك النظرات النافذة التي كان يستهوي بها قلوب رجال قبيلته وقال لها: إني إذا أرجعت إليك ولدك يأتي يوم تندمين فيه الندم الشديد وتبكين بدموع من دم.
فأطرقت برأسها وجعلت تبكي وهي صامتة، فقال لها: لقد قلت لك إننا سنتبعه في كل مكان، فإذا احتاج إلى دمائنا سفكناها في سبيله، وإذا أعوزه المال أعطيناه كنوزنا ينفق منها ما يشاء.
فحسبت أن أخاها قد جن وقالت له: كنوزنا؟
قال: نعم. فسيكون لنا في هذا المساء كنز لا تعادله كنوز الأرض، وسيكون المستقبل لنا ولولدك. •••
والآن لنبسط للقراء كيف كانت نجاة جان من قبضة البراهمة بعد أن تركناه مخدرا على الأرض وخنجر الكاهن مشهر فوق صدره، وقد قضي عليه بالموت لتجاسره على الدخول إلى المغارة واكتشاف أسرار الكنز.
إن الفتاة الهندية حين رأت هذا الخطر المحدق به صاحت بالكاهن قائلة: ماذا تفعل أيها المنكود؟ ألا تعلم أن الإله الذي نعبده يحرم علينا سفك الدماء؟
قال: يجب أن يموت.
قالت: إنه يموت، ولكن دون أن نسفك دمه. - إذن كيف يموت؟ - احمله مع رفيقك، وألقياه تحت شجرة سامة فلا يشرق عليه الصباح حتى يموت. - لقد أصبت يا ناتا؛ فإنك على حداثة سنك لك حكمة الشيوخ، وسنفعل ما أشرت به.
Shafi da ba'a sani ba