149

ثم تأبط ذراعه دون كلفة وقال له: إني لا أجد مناخا أقبح من مناخ بلادنا، فما هذا الضباب الدائم؟ وما هذا البرد الذي لا يحتمل؟

قال: الحق أن مناخها شديد.

قال: وإن شرائعها أشد ؛ فإني لا أرى هؤلاء الناس يحترمونني وينحنون أمامي حتى أحمل احترامهم على محمل التهكم، وأي احترام هذا؟ فإن الملك لا يحق له الخروج من لندرا إلا بإذن خاص من البرلمان، وولي عهده لا تحفظ له خدمة إلا حين يكون في سانت جيمس أو في البرلمان، فمتى خرج منهما بات فردا من أفراد الرعية يحق لدائنيه أن يقبضوا عليه أينما وجدوه.

قال: إني أعترف أن هذه الشرائع شديدة على الأسرة المالكة.

فتنهد وقال: هل يسمح ملك فرنسا أن تسري هذه الشرائع على أسرته؟ ولكن أبي شديد الضعف كثير الميل إلى العامة؛ فإنه ما تقاضى عنده شريف وعامي إلا حكم على الشريف.

وهو يقول إنه يقتدي بذلك بأجداده حين كانوا في هولندا؛ فإنه يدعي أنهم كانوا يخضعون لشرائع البلاد قبل رعاياهم.

قال: أية فائدة يا مولاي من الشكوى، فلا دواء لهذا الداء إلا الصبر، فاصبر إلى أن تتيح الأقدار لسموك أن تجلس على عرش أبيك.

قال: اسكت وكفى! تدعوني بهذه الألقاب؟! أتريد أن أبيت الليلة في السجن؟ •••

كان هذان الرجلان البرنس دي غال - ولي العهد في ذلك الحين - وسكرتيره.

ولا بد لنا أن نوضح بالإيجاز سبب هذه المحادثة الغريبة بينهما، وذلك أن البرنس دي غال كان معروفا بفساد السيرة، وله عيوب كثيرة أخصها المقامرة، فكان يلعب حتى خسر كل ما لديه؛ فلجأ إلى المرابين، وقد كثرت ديونه وكثر مطله حتى وصلت شكوى الدائنين إلى أبيه الملك.

Shafi da ba'a sani ba