"ائتوا " بكلام مفترى على سهولة ما لا يتقيد بسوى الفصاحة وجاء ذلك من طلبهم بالتدريج، فأولا بالممثالة من غير ذكر: "مفترى " ثم قيل لهم: جيئوا بمفترى فلم يبق لهم عذر إلا العناد.
والجواب عن الرابع: أن قوله تعالى فى سورة البقرة: "وادعوا شهدائكم " المراد به من يشهد لكم أن شخصا مثله ﷺ قد سمع منه ما طلب منكم إذ لا يكتفى فى مثل هذا بمجرد دعوى المدعى فقيل لهم: ائتوا بسورة من شخصه مثله فى الجنسية وبمن يبتعد لكم بأن قد فعلتم.
وقيل لهم فى سورة يونس فئتوا بسورة مثل القرآن واستعينوا عى ذلك بمن قدرتم فلم يطلبوا هنا بمن يشهد لهم وانما قيل لهم: استعينوا فى النظم والتأليف بمن قدرتم لأن سماع ذلك منهم أن لو كان ولا سبيل إليه لا يحتاج معه إلى شهادة شاهد، أما لو ادعوا أن أحدًا سمع منه مثل القرآن لما قتع منهم بمجرد دعواهم ألا ترى استرواحهم إلى اقناع جهلتهم بما حكى ﷾ عنهم بقوله: "لو نشاء لقلنا مثل هذا " والوارد فى هود كالوارد فى يونس.
الآية السادسة: هى أول آية تعرض لها صاحب كتاب الدرة وأجاب بغير ما هنا والله ينفع جميعنا بفضله.
وما يقع بعد مما لم يتعرض له صاحب كتاب الدرة من الآيات فننبه عليه بعلامة: ليعلم أنه من المفل كما تقدم.
قوله تعالى: "وقلنا يآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة " وفى سورة الأعراف: "ويآدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة "، فى هذا سؤالان:
الأول: ورود أمرهما بالأكل فى البقرة بواو النسق المقتضية عدم الترتيب ما لم يفهم من غيرها، وفى الأعراف: بالفاء المقتضية الترتيب والتعقيب والأمر واحد والقصة واحدة.
والثانى: وصف الأكل فى البقرة بالرغد ولم يقع هذا الوصف فى الأعراف مع اتحاد الأمر كما ذكرنا.
والجواب عن السؤال الأول: والله أعلم أن الوارد فى الآيتين مختلف فى الموضعين أما الوارد فى البقرة فقصد به الإخبار والإعلام لرسول الله ﷺ بما جرى فى قصة آدم صلوات الله وسلامه عليه وابتداء خلقه وأمر الملائكة بالسجود له وما جرى من إبليس عن السجود ثم ما أمر آدم من سكنى الجنة والأكل منها ولم يقصد غير التعريف بذلك من غير ترتيب زمانى أو تحديد غاية فناسبه الواو وليس
1 / 28