Mala'ikan Tawil Qa'it
ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Inda aka buga
بيروت - لبنان
وزعموا استحكامه بالوصف فى قولهم له ﵇: "إنا لنراك فى ضلال مبين " فزعموا أن ضلاله غير خاف وهو الذهاب عن طريق الصواب ولا يكون إلا عن عدم العلم بما فيه رشاد الضال واستقامة حاله نفى ﵇ كل ذلك عن نفسه بقوله: "ليس بى ضلالة " ثم أتبع بأوصاف عليع تناقض قولهم وتدفعه وتشهد للمتصف بها ببراءته من ذلك وترد ذلك الوصف عليهم وأنهم الأهلون لما رموه به فقال: "ولكنى رسول من ب العالمين " ولا يرسل رب العالمين المالك للكل العليم بهم إلا من جعله درجات المهتدين العالمين بنصاب الرسالة وما يلزم متحملها ثم بين لهم نصحه واستمراره فى إبلاغهم ونصحهم فقال: "أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم " ثم أتبع تعريفهم بجهلهم بما عنده من ربه ويعلمه هو بذلك فقال: "وأعلم من الله ما لا تعلمون " وإنما قال "وأنصح "، "وأعلم " ليعلم بتماديه على النصح لهم وهم لا يشعرون ولا يهتدون وبإمداده بزيادة علومه بالوحى وهم عن ذلك فى أشنع ضلال وأبعده فجمه ﵇ فيما خاطبهم به رد مقالهم ورميهم بأكثر مما رموه به ورد ذلك عليهم بألطف رد وأبينه لمن وفق ونزه ﵇ عبارته المخلصة لذلك على أتم الوجوه عن شنيع عبارتهم وقبح مواجتهم واما جواب هود ﵇ فإن قومه لما قالوا: "إنا لنراك فى سفاهة " فرموه بخفة الحلم وقلة الثبات وكثرة الطيش نفى ﵇ ذلك عن نفسه فقال: "ليس بى سفاهة " فرد قولهم ثم عرفهم برسالته وقدم ما ينبغى للرسول أن يكون عليه ثم أتبع بجليل أداء أمانة الرسالة من التبليغ والتمادى عليه فقال "أبلغكم " فجاء بالفعل المشعر بالتكرر والاستمرار قياما بإبلاغ رسالته وحفظا لأمانتها ثم قال: "وأنا لكم ناصح أمين " فعرفهم بصفتين جليلتين قد اكتنفته العصمة فيهما ومن كانت صفتاه اللازمتان له النصح والأمانة فقد تنزه قدره عن الطيش وعدم الحلم: "إلا إنهم هو السفهاء ولكن لا
يعلمون " وإنما أتى فى إخبارهم بنصحه وأمانته بالاسم فقال: "ناصح أمين " وكم يقل: أنصح - فيأتى بالفعل - ليحصل منه أن ذلك الوصف الجليل لازم له غير مفارق ولم يكن الفعل ليعطى ذلك فجاء بالاسم وجعله الخبر عن ضميره الذى هو "أنا " فهذا مقصود ثابت الوصف ولزومه مثل الوارد فى قوله تعالى مخبرا عن المنافقين: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم " فأخبر عن قولهم للمؤمنين "آمنا " بالفعل
1 / 197