[التأمل]
يا بني: وأكثر التأمل فيما يشخص إليه طرفك، وتمناه نفسك، مما أوتيه من هو أجل منك قدرا، وأكثر منك يسرا، إلى ما تؤول إليه العواقب، وماذا تديره عليه النوائب، فربما كان ذو الاقلال، أنعم بالا وأحسن حالا من صاحب الأموال، ومن سقته الدنيا من صفو لذاتهاكأسا ملأ، جرعته من كريه مرارتها ما يعود عليه وبالا، لأن صفوها ممزوج بالكدر، وأملها متنكد بالغير، وعلى كل رائق منها للناظرين، رقباء غير غافلين، يستلبون المهج، ويدرسون بهجة المنهج، مع كثرة الإعراض، وسرعة الإنعاض، وتضييق الغلاصم، بخفي العظائم، والحفظ بعيد عمن غلظ طبعه، وضاق خلقه.
واعلم يا بني: أن العاقبة، نعمة كاملة، وإن أعطي الانسان من دهره المنى، وأتحف منه بالرضى. ومن كثرت دعته، وحسن خلقه ومروءته، فقد استكمل الفضل، وحاز بفوزه الخصل.
يا بني: ولو شري الخلق الحسن بجميع الدنيا لكان رخيصا، وكان شاريه وإن بقي فقيرا بالظفر مخصوصا.
Shafi 216