[شهادة الليل والنهار]
واعلم يا بني: أن الليل والنهار ينقرضان ثم لا يعودان، وبالحسن والقبيح يمران، وعلى كل صغير وكبير أفعاله يثبتان.
يا بني فإن قدرت أن تدفع في كل ساعة تمر بك موبقالسيئات، بصالح الحسنات، وتبني مكرمة تحظى بها يوم القيامة، وتنجو بها من الندامة، ويثلج بها في الدنيا صدرك، ويفسح لك بها قبرك، فافعل وعجل ثم عجل، وأنت في حين المهل، ولا تكثر التسويف فيطول عتبك، وينقضي بخطل يومك، فإن في ساعات الليل والنهار سجلات مطوية، تؤدي ما استودعت بصدق الروية، فضمنها الجميل تؤد عنك باقيا، كنت أو فانيا، كحسب ما أدت من الودائع، في الليالي الخوالع، من مكارم الكرام، ومثالب اللئام، ثم لم ينطمس ذلك مع الرسوم الطوامس باقيا ما بقيت الدهارير، حتى تحيط بالعالمين ملمات المقادير.
وكل من لم يسمك على ما بنت له الجدود، بناء يعلو له فيه التشييد، فالمحامد منه بعيد، وركن الشرف الذي اعتمد عليه مهدود، لأن الساكن في غير ما يحوي فهو منه خارج، يا بني: ومن لم يشرفه فعاله فليس في شرف سلفه بوالج، إذا لم يزين الشرف التليد، بالفعال الحميد !! لأن السلف الماضين، إنما شرفوا في الخلف الباقين، بالمكارم المعدودة، والخلائق المحمودة.
Shafi 210