فيه الأمر فيضاهون المشركين الذين كانوا يبتدعون دينًا لم يشرعه الله ويحتجون بالقدر على مخالفة أمر الله.
والصنف الثالث: من الضالين في القدر من خاصم الرب في جمعه بين القضاء والقدر والأمر والنهي كما يذكر ذلك على لسان إبليس، وهؤلاء خصماء الله وأعداؤه، وأما أهل الإيمان فيؤمنون بالقضاء والقدر والأمر والنهي، ويفعلون المأمور، ويتركون المحظور، ويصبرون على المقدور، كما قال تعالى: " من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " فالتقوى تتناول فعل المأمور، وترك المحظور، والصبر يتضمن الصبر على المقدور. وهؤلاء إذا أصابتهم مصيبة في الأرض أو في أنفسهم علموا أن ذلك في كتاب، وإن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، فسلموا الأمر لله وصبروا على ما ابتلاهم به، وأما إذا جاء أمر الله فإنهم يسارعون في الخيرات، ويسابقون إلى الطاعات، ويدعون ربهم رغبًا ورهبًا، ويجتبون محارمه، ويحفظون حدوده، ويستغفرون الله ويتوبون إليه من تقصيرهم فيما أمر وتعديهم لحدوده، علمًا منهم بأن التوبة فرض على العبد دائمًا وإقتداءً بنبيهم حيث يقول في الحديث الصحيح: " أيها الناس توبوا إلى ربكم فوالذي نفسي بيده إني لأستغفر الله وأتوب إليه أكثر من سبعين مرة " وآخر سورة نزلت عليه: " إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا ".
وإذا عرف هذان الأصلان فعليهما يبني جواب ما في هذا السؤال من الكلمات؛ ويعرف ما دخل في هذه الأمور من الضلالات.
1 / 75