فلا يقول لأحد ناولني إياه، وهذا الباب فيه أحاديث وتفصيل وكلام للعلماء لا يسعه هذا الكتاب مثل قوله ﷺ لعمر بن الخطاب ﵁: " ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل له ولا مشرف فخذه ومالا فلا تتبع نفسك (١) ". ومثل قوله: " من يستغن يغنه الله، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، ما أعطي أحد عطاء خيرًا أوسع من الصبر (٢) ". ومثل قوله: " من سأل الناس وله ما يغنيه جاءت مسألته خدوشًا أو خموشًا أو كدوشًا في وجهه (٣) ". وقوله: " لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه (٤) ". إلى غير ذلك من الأحاديث.
وأما الجائز منها فمثل ما أخبر الله ﷿ عن موسى والخضر أنهما أتيا أهل قرية استطعما أهلها، ومثل قوله: " لا تحل المسألة إلا لذي ألم موجع أو غرم مفظع أو فقر مدقع "، ومثل قوله لقبيصة بن مخارق الهلالي: " يا قبيصة لا تحل المسألة إلا لثلاثة، رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فسأل حتى يجد سدادًا من عيش وقوامًا من عيش ثم يمسك، ورجل يحمل حمالة فيسأل حتى يجد حمالته ثم يمسك
_________
(١) المنار: الحديث في الصحيحين وغيرهما ولفظ البخاري في كتاب الأحكام: عن عبد الله بن عمر قال سمعت عمر يقول كان رسول الله (ص) يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة فقلت أعطه من هو أفقر إليه مني
فقال " خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالا فلا تتبعه نفسك "وله في كتاب الزكاة: إذا جاءك بدل فما جاءك ولفظ مسلم " خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك " الخ وزاد في آخره قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحدًا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه
(٢) هو في الصحيحين أيضا على اختلاف في ألفاظه وأوله " ما يكون عندي من مال فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله الخ
(٣) رواه أحمد وأصحاب السنن وفيه زيادة تحدد الغني بخمسين درهما وفي سنده حكيم بن جبير ضعيف وتكلم فيه شعبة من أجل هذا الحديث، ومعنى الخموش والخدوش والكدوش واحد
(٤) روياه أيضا واللفظ للبخاري
1 / 31