القسم بها لا يشرع لكن بسبب الرحم أي إن الرحم توجب لأصحابها بعضهم على بعض حقوقًا كسؤال " أصحاب الغار " الثلاثة لله ﷿ بأعمالهم الصالحة ومن هذا - الحديث الذي رواه ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري ﵁ عن النبي ﷺ في دعاء الخارج إلى الصلاة: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا رياءًا ولا سمعةً ولكن خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك أن تنقذني من النار وأن تدخلني الجنة " فهذا الحديث عن عطية العوفي وفيه ضعف (١) فإن كان هذا كلام النبي ﷺ فهو من هذا الباب لوجهين أحدهما أن فيه السؤال لله بحق السائلين عليه، وبحق الماشين في طاعته، وحق السائلين أن يجيبهم، وحق الماشين أن يثيبهم، وهذا حق أحقه على نفسه سبحانه وتفضل به، وليس للمخلوق أن يوجب على الخالق شيئًا. ومنه قوله تعالى: " كتب ربكم على نفسه الرحمة " " وكان حقًا علينا نصر المؤمنين " " وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ". وفي الصحيح من حديث معاذ: " حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا وحقهم عليه إن فعلوا ذلك أن لا يعذبهم " فحق السائلين والعابدين له هو الإثابة والإجابة فذلك سؤال له في أفعاله (٢) كالاستعاذة وقوله: " أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك " فالاستعاذة بالمعافاة التي هي فعله كالسؤال بإثباته التي هي فعله.
وروى الطبراني في كتاب الدعاء عن النبي ﷺ: " إن الله يقول يا عبدي إنما هي أربع: واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك وبين خلقي، فالتي هي لي تعبدني ولا تشرك بي شيئًا، والتي هي لك أجزيك به أحوج ما تكون إليه، والتي بيني وبينك منك الدعاء وعلي الإجابة، والتي بينك وبين خلقي فائت إلى الناس ما تحب أن يأتوه إليك " وتقسيمه في الحديث إلى قوله واحدة لي وواحدة لك هو مثل تقسيمه في حديث الفاتحة بحيث يقول الله
_________
(١) بل قال في مجمع الزوائد أن إسناده مسلسل بالضعفاء - لكن رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق بن مرزوق فهو صحيح عنده
(٢) الظاهر: بأفعاله
1 / 19