بذاته لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين (١) بل عمر بن الخطاب ومعاوية ومن كان يحضرهما من الصحابة والتابعين لما أجدبوا استسقوا بمن كان حيًا كالعباس وكيزيد بن الأسود ﵄، ولم ينقل عنهم أنهم في هذه الحالة استشفعوا بالنبي ﷺ عند قبره ولا غيره فلم يقسموا بالمخلوق على الله ﷿ ولا سألوه بمخلوق نبي ولا غيره بل عدلوا إلى خيارهم كالعباس وكيزيد بن الأسود، وكانوا يصلون عليه في دعائهم، روي عن عمر ﵁ أنه قال: إنا نتوسل إليك بعم نبينا، فجعلوا هذا بدلًا عن ذاك لما تعذر عليهم أن يتوسلوا به على الوجه المشروع الذي كانوا يفعلونه.
وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره فيتوسلوا به ويقولوا (٢) في دعائهم في الصحراء: نسألك ونقسم عليك بأنبيائك أو بنبيك أو بجاههم ونحو ذلك. ولا نقل عنهم (٣) أنهم تشفعوا عند قبره ولا في دعائهم في الصحراء، وقد قال ﷺ: " اللهم لا تجعل قبري وثنًا، واشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " رواه الإمام مالك في الموطأ وغيره. وفي سنن أبي داود أنه قال: " لا تتخذوا قبري عيدًا " وقال: " لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " قال ذلك في مرض موته يحذر ما فعلوا: وقال: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ".
وقد روى الترمذي حديثًا صحيحًا عن النبي ﷺ
_________
(١) عبارته في كتابه التوسل والوسيلة الذي اختصرت منه هذه الفتوى هكذا (فأما التوسل بذاته في حضوره أو في مغيبه أو بعد موته مثل الاقسام بذاته أو بغيره من الأنبياء أو السؤال بنفس ذواتهم لا بدعائهم فليس هذا مشهورًا عند الصحابة والتابعين.
(٢) كذا في النسخة التي طبعنا عنها ولعل الأصل: أو يقولوا الخ - أو - وأن يقولوا فتأمل
(٣) هكذا ذكر النفي هنا (بلا) معطوفا وهو يقتضي المقابل ولعل الأصل: ولكن لم ينقل عنهم أنهم توسلوا بذاته ولا نقل عنهم الخ وهذا الواقع الذي صرح به في عدة مواضع من كتبه ورسائله
1 / 12