عليهم ونستغيث بهم، ونريد بذلك الوجاهة والشفاعة، وإلا فنحن نفهم أن الله هو الخالق الرازق ١ المدبر.
فقل: كلامك هذا مذهب أبي جهل وأمثاله، فإنهم يدعون عيسى وعزيرا والملائكة والأولياء يريدون ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ ٢ وقال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ ٣.
فإذا تأملت هذا تأملا جيدا، وعرفت أن الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية - وهو تفرده بالخلق والرزق والتدبير - وهم ينخون عيسى والملائكة والأولياء، يقصدون أنهم يقربونهم إلى الله زلفى ويشفعون لهم ٤ عنده، وعرفت أن من الكفار - خصوصا النصارى منهم - من يعبد الله الليل والنهار ويزهد في الدنيا ويتصدق بما دخل عليه منها معتزلا في صومعة عن الناس، وهو مع هذا كافر عدو لله مخلد في النار بسبب اعتقاده في عيسى أو غيره من الأولياء يدعوه أو يذبح له أو ينذر له، تبين ٥ لك كيف صفة الإسلام الذي دعا إليه نبيك محمد ﷺ، وتبين لك أن كثيرا من الناس عنه بمعزل، وتبين لك معنى قوله ﷺ: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ ٦".
_________
١ لفظ (الرازق) من مخطوطة المكتبة السعودية ٣٦٩/ ٨٦.
٢ سورة الزمر آية: ٣.
٣ سورة يونس آية: ١٨.
٤ لفظ (لهم) من مخطوطة المكتبة السعودية ٢٦٩/ ٨٦ وروضة الأفكار والأفهام لابن غنام.
٥ في روضة الأفكار والأفهام لابن غنام (فقد تبين) .
٦ عزاء المؤلف في كتابه فضل الإسلام إلى صحيح مسلم.
1 / 367