وليس الذي يحمل أكثر الناس على هذا القول إلا وجدان المعاني والألفاظ، فإنهم يكرهون أن يضيعوا بابا من إظهار الظرف وفضل اللسان وهم عليه قادرون.
فصل
وقد قالوا: الصبي عن الصبي أفهم، وبه أشكل. وكذلك الغافل والغافل، والأحمق والأحمق، والغبي والغبي، والمرأة والمرأة. قال الله تبارك وتعالى: " ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا ". لأن الناس عن الناس أفهم، وإليهم أسكن. فمما أعان الله تعالى به الصبيان، أن قرب طبائعهم ومقادير عقولهم من مقادير عقول المعلمين.
وسمع الحجاج - وهو يسير - كلام امرأة من دار قوم، فيه تخليط وهذيان، فقال: مجنونة، أو ترقص صبيا!
ألا ترى أن أبلغ الناس لسانا، وأجودهم بيانا وأدقهم فطنة، وأبعدهم روية، لو ناطق طفلا أو ناغى صبيا، لتوخى حكاية مقادير عقول الصبيان، والشبه لمخارج كلامهم ، وكان لا يجد بدا من أن ينصرف عن كل ما فضله الله به بالمعرفة الشريفة، والألفاظ الكريمة. وكذلك تكون المشاكلة بين المتفقين في الصناعات.
Shafi 37