Majmuc Rasail
مجموع رسائل الإمام زيد بن علي عليهم السلام
Nau'ikan
سبحانه وتعالى عما تقول المجبرة والمشبهة علوا كبيرا. إذ زعموا أن الله سبحانه وتعالى خلق الكفر بنفسه، والجحود والفرية عليه، وأن يده مغلولة، وأنه فقير، وأنه سفيه، وأنه أفك العباد، ثم قال: ?أنى يؤفكون?[المنافقون: 4]، وصرفهم وقال: ?أنى يصرفون?[غافر: 69]، وقال: ?سابقوا?[الحديد: 21]، ولم يعطهم آلة للسباق. وأنه خلقهم أشقياء، ثم بعث إليهم رسولا يدعوهم إلى السعادة، وأنه أجبرهم على المعاصي إجبارا، ثم دعاهم إلى الطاعة ولم يخل سبيلهم إليها، ثم غضب عليهم وعاقبهم بغرق وحرق واصطلام بقوارع النقم، وجعل موعدهم جهنم. وأنه جاء بالإد فأدخله في قلوب الكافرين، ثم قال: ?لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا?[مريم: 89] سخطا منه لخلقة فطرها.
وأنه لم يجعل للقلوب استطاعة لدفع ما دهمها وحل بها، إذ أجبرها عليه، وجبلها له، فنسبوا إلى الله تبارك وتعالى المذمات، ونفوها عن أنفسهم من جميع الجهات، فقالوا: منه جميع تقلبنا في الحركات، التي هي: المعاصي، والطاعات، وإنه محاسبنا يوم القيامة على أفعاله التي فعلها، إذ خلق: الكفر، والزنا، والسرقة، والشرك، والقتل، والظلم، والجور، والسفه. ولولا أنه خلقها - زعموا - ثم أجبرنا عليها، ما قدرنا على أن نكفر، وأن نشرك، أو نكذب أنبياءه، أو نجحد بآياته، أو نقتل أولياءه، أو رسله، فلما خلقها وجبرنا عليها، وقدرها لنا، لم نخرج من قضائه وقدره، فغضب علينا، وعذبنا بالنار طول الأبد.
Shafi 151