--- ونحن نقول: إن هذا مبني على شفاء جرف هار، إنما الانتصار بالفجار لبعض الأعذار, يجوز للأئمة الأخيار, العالمين بمواقع الإيراد والإصدار, المميزين للملتبسات بثاقب الأفكار, وغامض الأبصار، وتحصيل هذه الجملة المذكورة, والدرر المبددة المنثورة، أن المستنصر بالمبطلين يكون على شروط:
أحدها: أن يكون المنتصر محقا.
والثاني: أن يكون المستعان عليه مبطلا.
والثالث: أن تكون له شوكة وغلبة على من استعان به, حتى تكون أفعال المستنصربه, مقيدة بإرادة المستنصر وأفعاله، لأنه متى كان ذلك كذلك, أمن من الوقوع في المنكر الذي طلب إزالة مثله في القبح.
والرابع: أن يكون ذا ولاية كاملة, وزعامة شاملة.
وإنما اشترطنا أن يكون محقا، لأنه متى كان مبطلا لم يكن بأن يستعين على غيره أولى من أن يستعان عليه، وذلك يؤدي إلى أن يكون محاربا محاربا, وليا عدو في وقت واحد، وهذا لم يقل به أحد. واشترطنا أن يكون المستعان عليه مبطلا، لأنه متى كان محقا فلا سبيل إلى جواز حربه، ولأنه إنما يجوز حربه لأجل المنكر, ولا منكر منه يجب إنكاره فضلا عن محاربته عليه، وقد تقدم الوجه في اشتراط الشوكة للمستنصر.
وإنما اشترطنا الولاية الكاملة، فلأن إزالة المنكر بتجييش الجيوش لا يكون إلا إلى الأئمة, ومن يجري مجراهم من أهل الولايات التي توجب المتابعة، يبين ذلك أن من يحتج بفعله في هذا الباب لم يكن إلا على هذه الصفة، كالنبي صلى الله عليه, وعلي عليه السلام، حيث يقال: إنه استعان بقتلة عثمان على ضلالهم عند من يقول بذلك. ومن أدعا خلاف ذلك قلنا: عليك الدليل, ولا يجده إلا أن يقول: إنه منكر وإنكار المنكر واجب على كل أحد.
قلنا: هذا الذي نحن فيه ليس من هذا القبيل، بل هو متضمن لسفك دماء، وأخذ أموال، وتصحيح أقوال وأفعال، وذلك لا يكون إلا ممن ذكرنا دون غيره من المنكرات، فإنه يقوم به أفناء الناس.
--- وأما في وقت الإمام فليس لأحد أن يتقدم ولا يتأخر في شيء من ذلك إلا عن أمره.
Shafi 21