Majmuc Latif
المجموع اللفيف
Mai Buga Littafi
دار الغرب الإسلامي، بيروت
Lambar Fassara
الأولى، 1425 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيه محمد وآله الطيبين، صلاة دائمة إلى يوم الدين، أما بعد، أعاذك الله من سلطان الهوى، وأشعر قلبك عز التقوى، وجنبك موارد الزيغ والزلل، وألهمك الإنصاف في القول والعمل، وعمر بك مواسم الأدب، ودفع عنك محاذر النوب، وثلج ببرد اليقين صدرك، ورفع في درج المتقين ذكرك، وكان غير هذا الخطاب أولى بك وأدعى إلى استمالة سمعك، ولكني أستحسن مبادي رقاع أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وكتبه مفاتيح رسائله وخطبه، وأسلك أن يحملني على ذلك الأسلوب، وتعلم أني من المقدرين به، والآخذين عنه، والمنقطعين إليه، فان أصبت فمنه، وإن أخطأت فعليه، فاني كنت أرى أصحابنا من كتاب أذربيجان في منصرفي من العراق، يرون البلاغة هذرا، والإسهاب خرقا، والإطالة ملقا، والفصاحة هجنة، والذلاقة وصمة، والسلاطة نقيصة، والبيان رعونة، والغي فضلا، والحصر عقلا، حتى أنار بك دجاها، ودارت عليك رحاها، وانجاب برأيك ظلامها، وأشرقت بايحائك أيامها، وطلعت شمس الفضائل بعد أن طال أفولها، ولاحت غرر المناقب وحجولها، وورت زنود المعالي والرتب، وكبت جدود المخازي والريب، واحتجنا أن نطلق المقاول من عقالها، ونرسل الخواطر عن [89 و] كلالها، ونجيد سهام المجادلة، ونرهف شباة المساجلة، ونعود إلى عادة اللسن، وننتهي عن دناءة اللكن، ونقول للقرائح استيقظي، فقد طال رقادك، وللجوارح هبي فقد ساء اعتيادك، فهنيئا لدهر لا تغفر ذنوبه إلا بك، ولا توهب حرائره إلا لك، ولا تصدر محاسنه إلا عنك، ولا تنسب مآثره إلا إليك، لا تعرف له حسنة سواك، ولا تنشر عنه منقبة غيرك.
فقد حدثني [1] على إملاء هذه الرسالة في إيجاب الحجة، وإيضاح المحجة أمور أولها: أني منذ عرفتك قبل أن أيفعت وإلى حين الاكتهال، ومنذ لدن نشأت إلى حد الاكمال، والعلم غايتك التي إليها تجري، وغرضك
Shafi 248