419

Majmuc

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

Nau'ikan

Fikihu Shia

وكذلك ما ذكرنا من قوله ((كل مسكر حرام)) و((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) وغير ذلك فلا شك في صحة إضافة الفعل في اللغة إلى ما يصح أن يفعل وإلى ما لا يصح أن يفعل، وإلى ما يستحيل أن يصح الفعل منه، ولا مانع من ذلك في اللغة العربية، فقوله: الكثرة والقلة لا تجوز على الله سبحانه، ومرامه بذلك أن يبطل كون الفعل في الحقيقة صنعه، وتدبيره محنة وعقوبة، أو نعمة فيما يتعلق بالنفع من صنعه دون غيره وذلك برء ودلالة التعطيل من التوحيد والتوفيق نعوذ بالله من الخذلان، فالسكر هو زوال العقل والعقل من أجل النعم على العبد، فإزالة عقله بالسكر نقمة، وخذلان لشارب الخمر، ويستحق عليه السب، كما يقول في المرجوم: إنا نلعنه ونذمه لأن ما نزل به من العذاب وإن كان من فعل الله، أو في الحكم كأنه من جهته، لفعلنا في الحدود وهو في التقدير الثالث كأنه من فعل المحدود؛ لأنه فاعل سببه، كذلك كالعذر بسبب العقل، أو حريق النار، وقد يكون حسن العذاب رحمة، كما نقول في حريق النار هو نقمة للكفار والفساق، ونعمة على زبانية النار، من الملائكة الأبرار، وكذلك زوال العقل بالسكر نقمة وعقوبة، وزواله بالنوم نعمة ورحمة، فتفهم ذلك، وعرفه المحقق، فالسكر يضاف إلى الخمر في اللغة حقيقة؛ لأنها سببه الاعتيادي، وحاصلة معه أو عقيبه وذلك جائز، ولا فاعل لها طعمها وريحها وحدتها إلا الله، وقد سمعنا منهم وقت مناظرتهم أنا نقول: يخلق الباري النجس، قلنا: نعم، التنجيس والتطهير حكم يلزم فعله تعالى، فالميتة فعله وهي نجس والدم وهو كذلك، وقد رد سبحانه النجس طاهرا، والطاهر نجسا بقدرته، ولا اعتراض عليه، فالمني نجس، فإذا خلقه إنسانا كان حكمه الطهارة، أو حيوانا مخصوصا كالبهائم والسباع إلا الكلب والخنزير، فما في هذا من العجب، وكذلك يرد الميتة سبحانه والنجس طاهر بأن تبدل حالته الأولى بحالة ثانية كالميتة تزد بها ملحا، فأما ما ذكر من الحقيقة والمجاز، فذلك يرجع إلى استعمال أهل اللغة أو الشرع، اللفظة فإذا كثر لم يمتنع أن تعود الحقيقة مجازا كما يقول في المكان المطمئن من الأرض، كان يسمى غائطا على الحقيقة فلما كثر قضاء الحاجة المخصوصة فيه سموه غائطا، وصار لفظ الغائط حقيقة فيها ومجازا في الأول، فإن قيل: وكيف يستحق الذم على السكر وهو فعل الله سبحانه؟.

قلت: لأنه في الحكم كأنه من قبل المتعبد لارتكابه المحظور، وإلا فقبل التعبد بتحريم الخمر.

كان أهل الملتين في استقامتهما اليهود والنصارى يسكرون فلا يذمون السكران ويذمون من يذمه لأنه ذم من لا يستحق الذم، ولأنا قد نذم الإنسان على فعل الله سبحانه إذا كان في الحكم كأنه من جهته، ألا ترى أن رجلا لو ترك صبيا تحت المطر فإن ما يصيبه من فعل الله سبحانه وإرادته، ونذم التارك للصبي على نفس فعل الله سبحانه ويستحق عليه الذم لأنه في الحكم من جهته، ولولا ضيق الوقت لبينا لك المجمل بحده وحقيقته والمجاز مثل ذلك، وبينا خلل سؤال السائل المحقق المدقق فضلا عما يطلب من الإلزام وينفى من الإلتزام، ولعل فيما تقدم كفاية من نسخه.

Shafi 8