Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Nau'ikan
المسألة الثانية [ في أن وجوب النظر فرع عن وجوب المعرفة ]
قالوا أيدهم الله تعالى في كلام حي القاضي شمس الدين رضي الله عنه، وأرضاه: إن وجوب النظر مقدم على وجوب المعرفة أعني النظر في طريق معرفة الله تعالى فأما العلم بوجوب المعرفة [فمتقدم] على العلم بوجوب النظر، وقال ولم يلزم ترتيب المعلومين بترتيب العلمين كالعالم والقديم تعالى.
قال: وفي كلام مولانا خلاف ذلك، وهو أن وجوب المعرفة يتقدم في الغرض، فكيف يصح الجمع بين ذلك وإن لم يكن القول متفقا، فما حكم المخطئ في هذه المسألة؟.
الجواب عن ذلك: إن الكلام في وجوب المعرفة هو اتفاق، وإنما قيل بوجوب النظر لأنه طريق إليها، فوجوبه تابع لوجوبها، وتأدية وجوب المعرفة فرع على حصول النظر؛ إذ لا تحصل المعرفة إلا به، فلو حصلت من دونه لم يكن النظر معدودا في الواجبات؛ لأنه لا يراد لنفسه فهو كالوضوء مع الصلاة وكالمشي مع رد الوديعة، فنحن قصدنا في قوله التحقيق، والقاضي رحمه الله تعالى زاد بيانا ووسع في كشف الغرض فلا تنافي بينهما.
وقوله: وجوب النظر متقدم على وجوب المعرفة لا يعقل منه إلا وجوب التأدية لا وجوب الإلزام، كما نقول في المشي والوديعة وجوبه متقدم على وجوب تأديتها إذ يتعذر خلافه، والتكليف لا يلزم بالتعذر، وأما على وجوبها فلا؛ لأن وجوبها هو الأصل وذلك تابع، وإنما قدم لكونه طريقا، فلو حصل التطرق إليه بدونه لما وجب رأسا، وكذلك في النظر والمعرفة، والخلاف في هذه المسألة مما يخف به الحكم وهو أيضا محتمل.
وأما التمثيل بالعالم والقديم فهو تقريب لأنه أتى في وقت جهل ظاهر؛ لأن غير العالم يقوم مقامه في الدلالة، كما لو أحدث تعالى جسما أو عرضا في جسم غير هذا العالم كان كافيا في الدلالة.
Shafi 352