Majmuc
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
Nau'ikan
وأما طريقة الإكراه فالأمر في جوازها والمنع منها قد سبق فيما تقدم من المسائل؛ لأن الإمام إذا جاز له أخذ الأموال لصلاح الأمة إكراها فسواء كان ذلك ضيفة أو مالا [خاصا] أو غير ذلك، وقد تقدم من الاستدلال على هذا الشأن ما في بعضه كفاية لمن كان له قلب رشيد أو ألقى السمع وهو شهيد، وفعل الهادي عليه السلام حق ودين، وإذا رأى الإمام المنع من ذلك فله أن يفعل ذلك ولكن ما فيه من الدليل؛ فلو أنه عليه السلام صرح بأني منعت من الضيفة لأنها لا تحل [لحمل] ذلك على أنها لا تحل عندي ولا في اجتهادي، وذلك لا يمنع غيره من الأئمة والمجتهدين من أن يحلل نظره ما حرم نظر الهادي -سلام الله عليه- كما يعلم أن ذلك قد كان في الفروج وهو أعظم المستعملات حكما فأحل الهادي عليه السلام وطء من طلقت ثلاثا بلفظ واحد على وجه الرجعة، وحرمه غيره من الأئمة عليهم السلام والكل حق لا ينكره ذو معرفة، وإذا نزل الحاكم بلدة فله أن يمتنع من ضيفة الكل [لايضطافهم، وله أن يضطاف] الكل على السواء، ولا يجوز له أن يضطاف أحد الخصمين دون صاحبه، بل يساوي بينهما في كل حال من قول وفعال، ويستوي فيه المنصوب وغير المنصوب؛ لأن من تراضيا به فهو حاكمهما، وعليه أن يعدل فلا فرق في ذلك بين المنصوب وغيره، ويجوز للإمام أن يأذن في ذلك، والدليل عليه أن رسول الله أذن لمعاذ في قبول الهدية، وقد قال: ((هدايا الأمراء غلول)) والغلول هو الحرام، فلو كانت الضيفة حراما وأذن فيها الإمام لجازت، وأهدي لمعاذ ثلاثين رأسا من الرقيق في حال إمارته في اليمن، فلما رجع المدينة بعد وفاة رسول الله حاول أبو بكر انتزاعهم إلى بيت المال فكره وقال: طعمة أطعمنيها رسول الله؛ فأتى وهم يصلون فقال: لمن تصلون؟ فقالوا: لله. قال: قد وهبتكم لمن صليتم له. فأعتقهم وكان رحمه الله سهلا، فهذا أصل كما ترى ، وقد قال [علي] عليه السلام في رسالته إلى عمال الأطراف: ضموا أطرافكم، وافعلوا واصنعوا، وحذرهم من معرة جيشه وهم رعية، وقال فيه: وأنا أبرأ من معرة الجيش إلا من جوعة إلى شبعة، وفي رواية أخرى: إلا من شبعة المضطر. فهذا كما ترى توسع؛ لأنها لو كانت محظورة لأدخلها في التبري ولم يخرجها بالاستثناء.
وأما ما سألت عنه من سير الأئمة عليهم السلام فأصولهم في أقوالهم ما فعله أو قاله أو أقر عليه النبي والوصي صلوات الله عليهما وعلى الطيبين من آلهما فقد بينا ما جاء عنهما في ذلك فتأمل ما قلنا بعين الفكر تصب رشدك إن شاء الله تعالى.
Shafi 178