Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
Mai Buga Littafi
دار إحياء التراث العربي
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ) .
قال مجاهد لا تفتاتوا عليه بشىء حتى يقضيه الله على لسانه تقدموا: معناه تتقدموا وهو فعل لازم، وقد قرىء يقدموا بقال قدم وتقدم كما يقال بين وتبين، وقد يستعمل قدم متعدياً أى قدم غيره لكن هنا هو فعل لازم فلا تقدموا معناه لا تتقدموا بين يدى الله ورسوله.
فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم فى شىء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول ولا يتقدم بين يديه بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعاً لقوله، وعلمه تبعاً لأمره، فلهذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله ولا يؤسس ديناً غير ما جاء به الرسول، وإذا أراد معرفة شىء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول، فمنه يتعلم وبه يتكلم وفيه ينظر ويتفكر، وبه يستدل فهذا أصل أهل السنة وأهل البدع، لا يجعلون اعتمادهم فى الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول، بل على ما رووه أو ذاقوه، ثم إن وجدوا السنة توافقه وإلا لم يبالوا بذلك، فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضاً أو حرفوها تأويلا.
فهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة، وأهل النفاق والبدعة، وإن كان هؤلاء لهم من الإيمان نصيب وافر من اتباع السنة، لكن فيهم من النفاق والبدعة بحسب ما تقدموا فيه بين يدى الله ورسوله وخالفوا الله ورسوله، ثم إن لم يعلموا أن ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه
47