273

فيقال له: والعاقل لايبيع الصاع الجيد الذي يساوي صاعين من الردي بصاع منه فإنه سفه وإضاعة للجودة سواء سواء، وقد أرشدنا الشرع الشريف بأن يبيع الذي معه ويشتري بثمنه من الآخر ولاحرج عليه ولانقص.

وقوله: ولم يبق إلا تحريم بيعها إلا بجنس آخر، وفي هذا من الحرج ماتنفيه الشريعة، فإن أكثر الناس ليس عندهم ذهب يشترون به مايحتاجون من ذلك والبائع لايبيعه ببر مثلا أو شعير أو ثياب إلى آخر الهذيان الذي لامعنى له في إباحة ماحرمه الشرع.

ونقول: ليس في ذلك أي حرج ولاسفه وكيف يكون كذلك وقد نص عليه الشارع الحكيم وأرشد على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبيع الردي ويشتري بثمنه الجيد والأجناس كثيرة، وأي حرج في أن يبيع المصنوع من الذهب أو الفضة بالجنس الآخر وكذا سائر الأجناس فليس بمتعذر ولامتعسر بل متيسر، ولو كان كذلك لما أمره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ببيع التمر الردي بغير جنسه، بل الحرج والمشقة هو الدخول في الربا الذي هو أشد من أقبح أنواع الزنى وفيه الدخول في حرب الله.

وقوله: والحيل باطلة في الشرع.

يقال: أما مانص عليه الشرع من الحيل كبيع ذلك بغير جنسه فأي بطلان فيه، وكيف يقال: الحيل باطلة، وقد شرعها الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وحيلة الضغث منصوص عليها في كتاب الله تعالى، فكيف يقال: الحيل باطلة في الشرع؟ وإنما الباطل ماكان فيه معارضة للشرع الشريف كحيلة أصحاب السبت وكهذه الحيلة في بيع الذهب بأكثر منه ذهبا بحيلة الصنعة مع أن الشرع لم يعتبر الجودة والرداءة في الجنس الواحد من التمر بالنص الصريح، ولافرق قطعا بين الصنعة والجودة عند كل عاقل.

وأما قوله: والنصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيها ماهو صريح في المنع وغايتها أن تكون عامة أو مطلقة ولاينكر تخصيص العام وتقييد المطلق بالقياس الجلي.

Shafi 257